مع كل لقاء أو زيارة للشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي إلى الرياض تطلق طهران صافرات إنذار غيظها، وتعبر علنا على لسان أبواقها عن تخوفها حيال أي تحرك خليجي مشترك يتمثل بالسعودية والإمارات، ولعل أسباب ذلك الخوف والهلع كثيرة من حيث الشكل والمضمون.

فالزعيمان يمثلان توجها خليجيا واضحا في مواجهة التمدد الفارسي الخطير، ويمارسان دورا كبيرا في الحرب على هذا التمدد، في اليمن من خلال التحالف واجتثاث الخطر الحوثي أو في دول عربية أخرى.

لكن الميزة التي تلفُ كنه تلك اللقاءات هي الإستراتيجيات السياسية والعسكرية القوية التي يعتمدها الرجلان، إضافة إلى الغموض البناء الذي يكمن في التفاصيل ويجعل نظام الولي الفقيه يألو جهدا ويبحث عبثا عن معلومة تسرب هنا أو خبر يُنشر هناك.

وعليه فإن وليي عهد أبوظبي والمملكة يوليان أهمية كبرى لمبدأ النهوض مجددا بالتجربة الخليجية وحمايتها وتحصينها، فالحزم يقتضي العزم، والثمن الكبير الذي يدفعه شهداء البلدين في اليمن والحد الجنوبي للمملكة يخلق وعيا متجذرا لدى الشارع العربي، فضلا عن الخليجي بضرورة وضع حدٍّ للعربدة الإيرانية، بل إنهائها بشكل تام، لا سيما أن ملالي قم ظنوا أن عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قد قدم لهم جائزة كبرى تمثلت في رفع العقوبات على خلفية الاتفاق النووي، لكنها فرحة لم تَدم إلا وفترة وجيزة لم تعمر، ومردُ ذلك للدبلوماسية الرزينة التي اضطلعت بها الرياض وأبوظبي في المحافل الأممية وعواصم القرار العالمية حين برهنتا على أن طهران لن تف بوعودها، ولن تحترم مواثيقها وعهودها، وشعبها لن يكون الرابح من رفع العقوبات، بل نظامها وحرسها الثوري وزبانية حكمها هم المنتظرون لهذا الرفع وتلك الأموال التي يُعتَقد تدفقها وإزالة الحظر عنها.

كما أن مثل تلك اللقاءات والتحالفات السعودية الإماراتية قد امتدت إلى قضايا عربية وإسلامية مصيرية، كـقضية القدس وفلسطين عموما، والمسألة السورية، والحالة الليبية وغيرها، فعلى سبيل المثال لا الحصر حين تجد مواطنا عربيا يكتب ويقول عن قمة إردوغان الأخيرة في اسطنبول حول القدس «بأن حضور رئيس النظام الإيراني حسن روحاني لهكذا قمة سبب وجيه بحد ذاته يتكفل بعدم حضور قادة الصف الأول والثاني وحتى الثالث لمثل هذا الاجتماع»، وعليه فإن منطق المزايدة والمتاجرة بقضية فلسطين قد ولى عهده، وبات المدعون له أمام فضيحة شعبية قبل أن تكون سياسية.

في السياق ذاته، يتم ضخ خطاب إعلامي مشيطن ومشكك بهذا المحور العربي الأصيل والخليجي الذي ليس له مثيل، لكن دونما جدوى أو حتى انتشار عدوى، لأن المواطن العربي يدرك اليوم أكثر من غيره أن دولا مثل السعودية والإمارات عملت على ترفيه مواطنيها وخدمة شعبها لا يمكن مقارنتها أبدا بما فعله نظام الولي الفقيه بشعبه حين نهب المقدرات وسرق الثروات، وأضحى يصرفها من أجل تمويل ميليشيات طائفية مسلحة في العراق واليمن وسورية ولبنان وغيرها، وها هو الشعب الإيراني المنتفض على ما أذكره وأسرده في هذا المقال شهيد، شعب قد بلغ به الجوع مبلغا صعبا، وقد ضاق ذرعا بهذا النظام المتهالك، وإن الأيام حبلى بالمفاجآت.


 رئيس المركز العربي السويدي للأبحاث والدراسات