تدق أجراس الخطر مسامع كل مواطن مخلص محب لوطنه وأولاده وأحفاده حينما يسمع ارتفاع نسبة البطالة والتكاثر، ويدق قلبه بشدة كلما قرأ في الصحافة أخبارهما، لأن مخاطر البطالة والتكاثر لا تقتصر على ارتفاع نسبة الفقراء بل تمتد لارتفاع نسبة الجرائم وتجارة المخدرات والتجارة بالبشر.

ومن أكبر واجبات الحكومة بكل مؤسساتها العمل على حل مشكلتي البطالة والتكاثر بسرعة وجدية قبل أن تتحول المشكلتان إلى قنابل في المستقبل، وحيث الوزارات المعنية عاجزة عن حلها، أقترح تأسيس جهة مهمتها بحث هاتين المشكلتين ودراسة كيفية نجاح بعض دول العالم في القضاء عليهما ومتابعة إنجاز خطوات حلهما باستمرار.

ورغم معاناة بلادنا الغالية من هاتين المشكلتين الخطيرتين، ورغم أن مشكلة بطالة أبنائنا وبناتنا في بعض التخصصات العلمية، وبالتحديد معاناة أولئك الذين لم تساعدهم الظروف على استكمال دراستهم، إلا أننا نظل نحتاج إلى العمالة الأجنبية المتخصصة عالية المستوى في عملها.

نعم رغم ذلك لا يمكن أن نستغني عن الاستعانة بالعلماء والخبرات الأجنبية في عدد من التخصصات التي ليس لدينا فيها مثلهم من أولادنا وبناتنا، بدليل ما أقدمت عليه الهيئة العامة للرياضة برئاسة الأستاذ تركي آل الشيخ من زيادة عدد اللاعبين الأجانب المشاركين في مباريات كرة القدم في الدوري السعودي، حتى وصل عددهم إلى ستة أجانب وواحد من مواليد المملكة، وبذلك تقلص عدد اللاعبين السعوديين إلى أربعة لاعبين سعوديين في كل مباراة، وقد أدى هذا القرار الجريء إلى اشتعال الدوري وارتفاع مستواه، وعادت الجماهير لتملأ مدرجات الملاعب من الجنسين، رجالاً ونساء مصحوبين بأطفالهم.

ومن الجهات التي لا يمكن الاستغناء فيها عن الكفاءات والخبرات الأجنبية التعليم والطب وأمانات المدن الكبيرة، لقلة المتخصصين المهرة في تلك الأعمال المهمة بكل المقاييس.

يضاف إلى ذلك حاجة بلادنا إلى جامعات ومدارس عالمية تعلم طلابنا وطالباتنا وتدرسهم المناهج الأميركية والإنجليزية والفرنسية والروسية والصينية والألمانية واليابانية بدون استثناء، لكي نستفيد من علومهم وحضاراتهم، ولكي نؤمن سلامتنا منهم ونحمي أنفسنا من مكر بعضهم، فنحن جزء من هذا العالم المذهل الذي يتحرك بسرعة مذهلة، بينما نسير نحن ببطء كبطء السلحفاة، وينبغي ألا ننسى أننا نتعامل معهم كل يوم اقتصاديا وسياسيا وسياحيا وعلمياً، ولنا سفارات في كل العالم يجب أن يكون العاملون فيها من المواطنين السعوديين.

ومن الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأميركية وهي أكبر دولة في العالم بأسره تغري النابغين في التخصصات المختلفة للعمل فيها بل تمنحهم الجنسية الأميركية، وتعطي المخترعين والمبتكرين والمكتشفين منهم الميزانيات التي يطلبونها بكرم كبير لكي يخدموا بإنجازاتهم أميركا.

وهؤلاء الأجانب الذين ساهموا في بناء أميركا وجعلوها أمة قوية هم المهاجرون الذين هربوا من بلدانهم التي أهملت طاقاتهم.. فلماذا لا نعطي الجنسية السعودية لمن يستحقها من الوافدين المتميزين لكي يساهموا في خدمة بلادنا الغالية؟