من أجمل الأعمال التي قمت بها أثناء مسيرتي العملية هو تكليفي بالعمل ضمن طاقم إدارة خدمات المشتركين في الشركة السعودية للكهرباء، كان عملنا هو حلقة الوصل ما بين المشتركين في خدمات الكهرباء والشركة، عمل متجدد ومليء بالتحديات والمتغيرات والمستجدات، ويجب على موظفي مركز الاتصال 933 و920001100 الإلمام بكل تفاصيل خدمات الشركة للرد على استفسارات المشتركين واتصالاتهم باحتراف، ولذلك يعتبر كل يوم عمل في مركز الاتصال هو عبارة عن مغامرة طالما واجهها موظفو خدمات المشتركين بشجاعة ومسؤولية وصبر، وخاصة في أوقات الأعطال المفاجئة التي على إثرها تنقطع الكهرباء عن حي سكني معين، أو منطقة معينة، التي رغم أن الانقطاع لا يستمر لأكثر من دقائق معدودة، إلا أنه خلال هذه الدقائق أشاهد زملائي وكأنهم رجال الدفاع المدني الذين يغيبون وسط الدخان الكثيف من أجل إنقاذ المحاصرين في وسط الحريق، أو كمسعف الهلال الأحمر الذي يسابق الزمن للوصول إلى موقع حادث مروري، أو كطبيب الطوارئ الذي يستدعي كل طاقته من أجل إنقاذ حياة مريض.
يستقبلون اتصالات المشتركين الغاضبين بسبب انقطاع الكهرباء، يتعاملون معهم بكل احتراف، يستمعون لشكاواهم وبلاغاتهم المتكررة وعلى مدار الساعة، ينقلون البلاغات لفرق الطوارئ والصيانة من فنيين ومهندسين الذين يصلون إلى موقع العطل في أسرع وقت مهما كانت العوامل الجوية من حرارة في ظهيرة صيف لا يرحم، أو مساء شتائي غير متعاطف مع الساهرين من أجل خدمة المواطنين والوطن، ومهما كان حجم العطل فإنهم يسارعون بحرص ومسؤولية على إصلاح العطل في وقت قياسي، وبأعلى معايير الأمن والسلامة.
عندما تنظر إلى مبنى مركز خدمات المشتركين 933 أو 920001100 من الخارج، فإنك تعتقد للوهلة الأولى أن هذا المبنى خال تماما، هادئ كشجرة وحيدة في منتصف صحراء، وصامت كصخرة، ولكنه صاخب من الداخل كصخب فريق طبي يجري المحاولة الأخيرة لإنقاذ مريض ينذر جهاز تخطيط القلب بأنه يجب الإسراع قبل فوات الأوان.
عندما تنقطع الكهرباء عن منازلنا أو مكاتبنا في العمل، والتي نادرا ما تحدث، وخاصة في المدن الكبرى، فإن بعض المشتركين يشعر بالغضب خلال لحظات الانقطاع لاعتقاده بأن هناك إهمالا في محاولة إصلاح العطل الذي سبب الانقطاع، أو هناك تقاعسا من قبل موظفي الكهرباء على القيام بواجبهم الوظيفي في أسرع وقت ممكن، ولذلك يتصلون على الرقم 933 يصبون جام غضبهم على مستقبلي البلاغات، والبعض منهم يشتم موظفي مركز الاتصال 933 بأقذع الشتائم، ولكن لا يجدون من موظفي مركز الاتصال سوى التفهم والاستيعاب، ومحاولة امتصاص الغضب، وهذا الشيء لا يستطيع أن يفعله سوى الكبار الأشداء الذين لا يشخصنون كل إساءة، ولا هم لهم سوى أن يقوموا بدورهم الوظيفي بكل احتراف، وينفذوا واجبهم بأمانة لتعود خدمة الكهرباء إلى المشتركين في وقت قياسي.
قيادة المركز مليئة بالمهندسين والإداريين الأكفاء من خريجي جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وجامعة الملك عبدالعزيز، وجامعات متميزة أخرى، وكل شخص منهم يقوم بدوره على أكمل وجه بقيادة رئيس قطاع خدمات المشتركين المهندس سلطان المطرفي، والمهندس حسن الذروي الذين يقومون بجهود جبارة لتطوير أداء مركز الاتصال، ودعمها بآخر ما توصل إليه السوق من تقنيات وبرامج، ودعم الموظفين بالتدريب والحوافز الشهرية، ومواكبة احتياجات المشتركين التي تنمو وتتزايد كل سنة.
كنت أشعر بالغضب والسخط عندما تنقطع الكهرباء عن منزلي أو عن أي موقع أتواجد فيه، ولكن بعد تجربتي في هذا القسم الذي اعتبره الجندي العظيم المجهول، أصبحت لا أشعر كثيرا بالقلق، لأني رأيت وعايشت بنفسي ماذا يحدث، وأثق تماما بما يفعله موظفو وموظفات 933 و920001100 من عمل جبار مِن أجل عودة التيار الكهربائي في وقت قياسي. ومن أجل خدمة المشتركين وفق أعلى المعايير المهنية.
