عدنان هوساوي



منذ بدء انطلاقة فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) في نسخته الأولى عام 1405، بتنظيم وإشراف من وزارة الحرس الوطني، وإلى نسخته الـ32 التي تعقد فصولها في هذه الأيام، ورعاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، منذ ذاك العهد وإلى يومنا هذا ونحن نلحظ تميزا فريدا من نوعه، تميزا تعدى طوره المستقل، من خلال الجوانب التراثية التي يشهدها المهرجان عاما بعد عام، ومن خلال المجالات المتنوعة للثقافات المتعددة المتواجدة في أجندة وفقرات المهرجان على مدار الأيام المنعقدة لأجله، وإن من أبرز تلك التطورات التي شهدها المهرجان خلال الأعوام الماضية وهذا العام استضافته إحدى الدول لتكون ضيفا نزيلا على المهرجان، خليجية كانت تلك الدولة أو عربية أو إقليمية أو حتى دولية بمعناها الغربي، بحيث تقوم ممثلية هذه الدولة بعرض ثقافتها وفنونها الشعبية في باحات المعارض وأروقة المنتديات والملتقيات المعدة لهذا الغرض، أو من خلال المحافل المقامة للمهرجان بأيامه المحدودة، أو من خلال إظهار بعض جوانب التراث المختص بالدولة الضيف، لا بد أن نشير هنا إلى أن التنوع الثقافي للحضارات سوف يضع بصمته من خلال دائرة التأثير على الدول المشاركة، كالتأثير الواقع على زوار المهرجان من داخل المملكة وخارجها أو قد يفوقها في قوة التأثير، فتبادل الثقافات تحدده مسارات الندوات المقامة في المنتديات والأمسيات المصاحبة للمهرجان، وهو المناط به التعريف بالموروث الشعبي الذي سوف يعكس حضارة وهوية وثقافة هذه البلاد. كما يعد تواجد الفنون الخاصة بالدولة الضيف عاملا قويا ومحفزا للاطلاع في إطار المعرفة والبحث في علوم الآخر والتعرف على أدوات حضارته، فالمعرفة وإن كانت أسيرة للأدوات فأدواتها هنا وفي هذا المهرجان على وجه التحديد ستكون الفنون بجميع أشكالها وأصنافها. هذه المناسبة التاريخية التي امتدت لـ33 سنة مضت لاقت خلال تلك المدة الزمنية قبول عارما وشعبية هائلة لم نشهد لها مثيلا على مستوى العالم العربي والإسلامي والدولي، وسوف يسجل التاريخ للمملكة هذا الإنجاز في مجال تبادل الخبرات والتجارب وتلاقح الأفكار والتعريف بالثقافات عامة، ولعل من أول أهداف هذا التعريف هو العمل على توعية الحضور بالحفاظ على الموروث المرتبط بالعادات والتقاليد الحميدة، ونقلها للآخر عبر الحوار والفن.