كان أمام سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، وفي مشوار الإصلاح الاجتماعي بالتحديد خياران: إما خيار التمهيد والتهيئة الطويلة التي تجعل من الحد الأعلى للمجتمع قابلاً لقرار التغيير، وإما خيار الصدمة التي تصدر القرار مقروناً بيوم وتاريخ معلن ومحدد للتنفيذ. لجأ هذا الأمير الشاب إلى خيار الصدمة فاكتشف واكتشفنا معه أن كذبة الخيار الأول في التمهيد والتهيئة الطويلة ليست بأكثر من فزاعة تضليل غيبت شوق ورغبة جيل سعودي صاعد ومؤنسن، ثبت أنه لا يحتاج مع قرارات التغيير إلى تمهيد وتهيئة وتوطئة. برهن سمو ولي العهد أن إرادة التغيير تكمن في توقيع صاحب القرار السيادي، بدلاً من انتظار بصمة الموافقة الشعبوية والمجتمعية المختطفة أصلا من شريحة تأخذ الأغلبية الصامتة رهائن للحناجر الغليظة.

خاض هذا المجتمع من قبل كثيراً من الحروب العبثية تبعاً لبطء اتخاذ القرار. كانت قضية هامشية صغيرة مثل استبدال يوم السبت في مكان الخميس بإجازة نهاية الأسبوع تحتاج إلى عشرات المقالات لتبصير الجمهور بالجدوى الاقتصادية حين نقترب من دوام السوق العالمي ولو بخطوة. حتى ولو في مجرد أسماء أيام الأسبوع، كانت أسطوانة التخويف تدخل الجمهور في مصطلحات سبت اليهود ودعوات التبعية.

في المثال الثاني، كنت شخصياً، وبالصدفة المحضة، من حضور المباراة الأولى في التاريخ السعودي يوم دخول العائلات لأول مرة إلى ملعب الجوهرة قبل بضعة أشهر. كنت بداخل نفسي أقاوم كوامن الخوف، فلماذا أذهب مع أولادي «الذكور بالطبع» لخوض التجربة الأولى في حدث اجتماعي صاخب قد يكون محفوفاً بالمخاطر. لم يحدث شيء على الإطلاق حين اكتشفنا بعد أربعة أشهر من حضور العائلات للملاعب أن قصة شاردة واحدة لم تقع ولم تحدث، رغم أن بيننا وبالآلاف من يبحثون عنها بالمجهر وحتى تحت الميكروسكوب. أحد أقاربي كان أوائل الحضور ليلة عودة السينما وحينما سألته عن المشهد اختصر: يا عم..... كأنها بالرياض منذ أربعين سنة.