على قناة العالم، وهي الصوت الصفوي الفارسي الناطق باللغة العربية إلى أذناب وجيوب الملالي في الخريطة العربية، يتحدث أحد أعضاء ما يسمى مجلس علماء اليمن ثم يقول بالحرف الواحد: «والله لقد وقفنا على جثمان الشهيد المجاهد الرئيس صالح الصماد فلم نر في وجهه غير علامات الشهداء، ودلالات ما كان ثابتا في وصف الشهيد من رائحة المسك وابتسامة الشهادة». انتهى. كان هذا العلّامة الجهبذ يتحدث فتأخذ (اليوفوريا) عشرات الآلاف من حوله، فتنطلق هتافاتهم بالموت لكل شيء في التعويذة الحوثية الشهيرة. في وسط هذا الجهل المطبق كيف تستطيع إقناع هؤلاء السذج من خلف هذا العالم الحوثي أن فخامة دولة الرئيس صالح الصماد لم يمت بجلطة مفاجئة، ولا بصعقة كهربائية، وإنما زهقت روحه الهالكة، وبالصوت والصورة، تحت نيران ثلاثة صواريخ وزعت جسده إلى آلاف القطع المتناثرة، في منظر لا يسمح أبدا بإعادة تركيب فتات سن واحدة، فكيف يتحدث عالم الدين عن وصف شهيد أو حالة ابتسامة؟! الحالة الوحيدة التي قد أصدق فيها هذا الشيخ العلامة ليس إلا أنه شاهد بقايا وجه لحيوان شارد قادته الصدفة لكي يتواجد في أطراف تلك الساحة، وهو أمر يؤسفني لأن الكلاب الضالة أصبحت اليوم تتحمل حتى صدف البشر الضالة في هذه الخريطة. سأكون مؤدباً جداً مع رواية هذا العالم اليمني الجليل في وصفه وجه صالح الصماد ومتلازمة المسك وابتسامة الشهادة، ولكن من حقي أن أسأل: أبعد ثلاثة صواريخ إلى جوف سيارة واحدة وزعتها إلى آلاف الشظايا المتناثرة؟ ألم تختلط الصورة لدى سماحتكم في أن ما شاهدتموه هو جثة كلب لم يكن له أي ذنب سوى أنه كان على بعد مئة متر من موقع الحادثة؟

سماحة العالم السيد: أكرر أسفي وحزني الشديد على مصرع هذا الكلب الذي كان صدفة نادرة في جولة (الأقرعي) في مدينة الحديدة. ومرة ثانية، سأقول إن لهذا الكلب الشارد شرف الوفاة ونَيْل الشهادة مع أخيه صالح الصماد. كل الفارق ما بينهما هو رائحة المسك وابتسامة النهاية. وفي النهاية أعتذر لكل كلاب اليمن وهم قلة جدا، ولكن: عليها من الآن أن تبتعد عن مواكب وطرق سير السادة أعضاء المكتب السياسي واللجان الثورية العليا، لأن الرادار لن يخطئ بعد اليوم.