أعلنت المملكة العربية السعودية جماعة الإخوان المسلمين -وإسلامهم بالمناسبة لا يتجاوز الاسم- جماعةً إرهابية، ورغم ذلك هناك القلة القليلة تدعم الجماعة، إما بالتعاطف معها معنويا أو بدعمها ماديا، مثلما حدث مع «داعش» والقاعدة.

ما أريد التركيز عليه هنا، لماذا يوجد الإخوان بكثافة في وزارة التعليم، سواء كان التعليم العام أو التعليم العالي؟

أيام المغفور له -بإذن الله- الملك فيصل، فتحت المملكة العربية السعودية قلبها الكبير للإخوان، واستضافتهم وأحسنت ضيافتهم، وخلال هذه الفترة -كما يعلم من عاصرها- كان معظم المعلمين ليسوا سعوديين، وتحديدا كان معظمهم من جماعة الإخوان المسلمين. تغلغلت الجماعة جيدا في وزارة التعليم، وأثرت في مسار وضع المناهج والقيادات الدينية في ذلك الوقت، ولأن الإخوان تنظيم منظّم فحتى الذين لا ينتمون إلى الجماعة الإرهابية بشكل مادي وارتباط وثيق، ارتبطوا بها فكريا.

فالمؤمنون بأجندتها حرصوا خلال عقود على السيطرة على مفاصل وزارة التعليم، خصوصا التعليم العام، وهذه كارثة محققة.

الآن، صدقت حلقة «طاش ما طاش» أيامها عن وزارة المعارف، فقد فطنت لهم الكوميديا الهادفة مبكرا، رغم معارضات المتطرفين على محتوى الحلقة، حتى قبول المعلمين كانوا لا يقبلون إلا من على شاكلتهم، وكانوا لفترة قريبة -وربما مستمرون إلى الآن- يرهبون المعلم الذي لا يوافقهم أفكارهم الإخوانية، فلو استخدم المعلم مثلا وسيلة تعليمية ترفيهية تحوي مقاطع موسيقية، لضجت المدرسة، ويعدّ الإخوان هذا من الأمن الفكري الإسلامي!.

التغلغل الإخواني في التعليم في السعودية واضح جدا، فبرنامج فطن الذي تم إلغاؤه، مؤخرا، اكتشفت الوزارة سيطرة كاملة لمن يوالون الإخوان.

أساليب الإخوان مكشوفة تماما، فعندما ظهرت معلمة تطالب الطالبات بالنقاب -تحديدا العباية فوق الرأس- فهذا أحد أساليبهم التي تشيع الفوضى، وتصور حكومتنا الفاضلة على أنها تحارب النقاب.

الحكومة الرشيدة لا تحارب النقاب، لكنها تحارب الجماعات الإسلامية التي تستهدف الترابط الوثيق بين الشعب والقيادة، عبر أساليب في ظاهرها نصرة الدين وفي باطنها إرهاب أسود، لا يفرق بين أحد ويقتل الجميع.

الحكومة الرشيدة لم تجبر أحدا على النقاب، ولم تجبر أحدا على خلعه، لكنها كذلك لا تريد ممن يقودون التعليم -معلما كان أو عضو هيئة تدريس- أن يفرض آراءه الشخصية الدينية، والتي فيها خلاف واضح لا جدال فيه على الطلاب، فيظهر لنا جيل ذو عقل واحد أوحد يرى الدنيا بزاوية واحدة، ولا يدرك سماحة هذا الدين الذي فيه من الاختلاف ما يسع اختلافات البشر الكثيرة، من بيئة واقتصاد وسياسة واجتماع.

التعليم أمر خطير، لذلك حرصت كل الجماعات الإسلامية على استهداف التعليم، متى ما حطت رحالها في المملكة، والتي كما قلت قلبها الكبير يسع كل المسلمين.

فهذا محمد بن سرور بن زين العابدين، سوري الجنسية، منشق من الإخوان، أنشأ تيار السرورية، وكان هو الآخر معلما، كذلك لهذا فإن عملية اختيار المعلمين لا بد أن تخضع لمقابلات شخصية، واختبارات تكشف التوجهات بطريقة ذكية.

لهذا، فإن هذه المرحلة الحساسة من الخطط الإصلاحية الاقتصادية والاجتماعية، تتطلب وقفة جادة جدا من وزارة التعليم تجاه التغلغل الإخواني فيها، وما دامت المملكة أعلنت الجماعة إرهابية، فإن موالاتها من بعض المعلمين يعني رضاهم بإرهابها، وبالتالي هم إرهابيون فكريون يشابهون الجماعة في عملها المادي.

الأمن الفكري للتعليم، وأمن الوطن، ليس فيهما رأي ورأي آخر.

سَنّ العقوبات تجاه هذا التعاطف هو أمر ضروري جدا، ولا مكان في التعليم لأي متعاطف أو متورط في جماعة إسلامية إرهابية.