نفقد بسبب الثقافات السلبية حولنا في المملكة الملايين والملايين، ربما لأننا لا ندرك أن القضاء على هذه الثقافات السلبية قد يحقق أهداف الإصلاحات الاقتصادية التي تنشدها حكومتنا المستنيرة، وتوفر لنا من الميزانية الكثير، وربما في أفضل الأحوال قد تخفض نسبة الضرائب، من هذه الثقافات السلبية الوعي الصحي المتدني الذي تخسر بسببه المملكة أموالا طائلة جدا جدا، الكل يعلم أننا شعب نعتز ونحب كثيرا مأكولاتنا الشعبية، ولدينا عادات غذائية سيئة، وتداخلت معها كذلك عادات قبلية ومظاهر سببت لنا ظهور أمراض تكلف وزارة الصحة الكثير والكثير، منها السمنة المؤدية أحيانا لمرض السكر، الأرقام والإحصائيات العالمية تشير إلى أننا بدناء، وهذا يسبب خسارة كبيرة على المواطن والمقيم والحكومة، إذا ما الحل؟

الحقيقة أن تغيير ثقافة كاملة شيء صعب ويحتاج وقتا طويلا، لكن ما يقصر هذه المدة المطلوبة للتغيير هو التكامل، معظم الأجهزة الحكومية تضع خططا وتجتهد، ومع هذه الخطط توضع محل التنفيذ إستراتيجيات، وكل هذا له مؤشرات قياس أداء لا بد من النظر بها ومراجعتها، وبناء عليها يتم تغيير السياسات والقرارات نحو خطة ما -فلنتذكر كذلك أنه من الذكاء أن يكون صانع القرار مرنا نحو خططه- إلا أن أهم عنصر في كل هذه الخطط والإستراتيجيات المختلفة بين الأجهزة الحكومية المختلفة هو عنصر التكامل! التكامل هنا يعني أن وزارة الصحة إذا أرادت رفع الوعي الصحي فإن هذا ليس عملها وحدها فقط! بل لا بد أن تضع خطة تشمل وزارات أخرى.

رفع الوعي الصحي كمثال يتطلب أيضا تكامل وزارة التعليم المنشود مع سياسة وزارة الصحة، فيتم استحداث منهج للتغذية الصحية في المدارس، نعم، منهج متكامل يوضع من قبل مختصين يدرس بالمدارس لتغيير الثقافة السلبية، ولا يحتاج تدريسه لمختصين، وربما يقر كساعات تطوعية من المعلم نحو المجتمع، هذا سوف يسهم في بناء جيل صحي متعلم على أحدث الأساليب التي تراعي اقتصادات الطبقة المتوسطة والدنيا، ومع هذا المنهج فإن المقصف المدرسي يمنع من بيع الأطعمة الضارة للأطفال والمراهقين، كالمشروبات الغازية مثلا، ويستمر التكامل بأن تحرص هيئة الغذاء والدواء على إجبار الشركات التي تنتج أطعمة ضارة أو تؤدي للسمنة إلى وضع تحذير قانوني، نعم تحذير قانوني كمثل ذلك الذي على علب السجائر! أو ربما هيئة الزكاة والدخل تفرض ضرائب أكثر على المنتج الضار صحيا، إن المستهلك قد يكره ذلك، لكنه لا يدرك خطورة الوضع، وأنه قد يكون مريضا يوما ما بسبب عادته الغذائية الضارة، ويستمر التكامل ليمتد إلى جهات أخرى.

التكامل المنشود بين الجهات الحكومية مطلوب جدا، ليس فقط في مسألة الوعي الصحي، بل في كافة خططنا الأخرى، فالتكامل والتعاون بين الجهات لتحقيق غاية المصلحة العامة، هو واجب قبل أن يكون عملا نبيلا، لذا فالتكامل هذا ضروري للعملية الإدارية الحكومية، وأما الرقابة على هذا التكامل فأعتقد أنه من المناسب منح هذه الصلاحية لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بقيادة ولي عهدنا الشاب الذي يأمل في السعودية تغير هذا العالم نحو الأفضل، التغيير يبدأ بالتكامل!