مؤخرا أوصى مجلس الشورى الموقر معهد الإدارة العامة بتوصيات تواكب الرؤية الوطنية 2030، ولا أظن أن قادة المعهد رجالا ونساء غافلون عنها، لكن ضمن التوصيات وردت توصية ملفتة للنظر، وهي كما وردت اقتباسا من حساب مجلس الشورى بتويتر «الإشراف على ضبط جودة مدخلات ومخرجات العقود الاستشارية التي تجريها الأجهزة الحكومية مع بيوت الخبرة الوطنية والأجنبية في حدود اختصاصها».

كثيرون من أبناء المعهد يرون أن دور المعهد لا بد أن يتغير لمواكبة ما يحدث من تغييرات حالية في القطاعين الحكومي والخاص، خلال تطبيق خطة الرؤية الوطنية 2030، ونظرا للباع الطويل للمعهد في الاستشارات والذي يزيد عن نصف قرن من الزمان، فإن هذه التوصية لا بد أن ترى النور فيصبح المعهد ضابطا لجودة الاستشارات المحلية والأجنبية، ويمكنه ذلك من خلال تبني إستراتيجية وطنية ويتم تقديمها للمقام السامي، وبعد الموافقة عليها تمر كافة العقود الاستشارية المحلية والأجنبية للأجهزة الحكومية للمعهد لضبط الجودة والرقابة عليها، وهذا سوف يحد كثيرا من خلل هذه العقود الاستشارية والتي غالبا توكل بناء على العلاقات العامة لا الكفاءة، عندئذ يكون المعهد جهة محايدة لتقييم الجهة الاستشارية مقدمة الخدمة وهذه مهمة يستطيع أن يؤديها المعهد بكل جدارة.

على صعيد آخر معلومة قد لا يعرفها كثيرون عن المعهد أن ميزانية المعهد ضئيلة مقارنة بمنجزاته وأدائه والأجهزة الحكومية الأخرى، ورغم ضآلة الميزانية فإن أداءه متميز وإنتاجيته عالية ويسلم كافة الحقوق المادية للموظفين في وقت قياسي، لذا فإن مطالبة مجلس الشورى للمعهد بزيادة الأداء والإنتاجية وفتح فروع أخرى يتطلب أن تزداد الميزانية تبعا لذلك، وقد طالب المعهد في مناسبات عديدة جدا وزارة المالية بزيادة الميزانية، لكن تلك الجهود تؤول إلى عدم الاستجابة، رغم سجل العمل المشرف، أما مشكلة الأجانب بالمعهد فهم مقارنة بالأجهزة الأخرى نسبة ضئيلة للغاية، والمعهد يعمل على إصلاح ذلك، أدعو أعضاء مجلس الشورى الموقر لزيارة المعهد ورؤيته والحديث مع أعضائه على أرض الواقع، لا أكذب إن قلت إن معهد الإدارة العامة في الإنتاجية والإنجاز وانضباط موظفيه في الدوام والأداء يتربع على عرش كافة الأجهزة الحكومية، ولا زال حتى اليوم، كذلك بنك من بنوك المناصب الحكومية للمملكة العربية السعودية، ولمعرفة ذلك أدعوكم لقراءة كتاب عملوا في المعهد، ويتضح من خلاله أجيال القادة الإداريين الذين ضخهم المعهد إلى الأجهزة الحكومة الأخرى، ليس فقط أعضاء هيئة التدريب، بل موظفين إداريين، كذلك ما لا يعلمه أعضاء مجلس الشورى أن ميزانية المعهد لم تتغير منذ أمد طويل جدا، ومع ذلك فقد فاز معهد الإدارة العامة مؤخرا بجائزة التعليم الذكي ضمن فئات الجوائز التي تطلقها شركة IDC للمدن الذكية في الشرق الأوسط لعام 2018، جاء ذلك خلال حفل أقيم في مدينة دبي بمشاركة عدد من الجهات المرشحة لنيل الجائزة، وحصد معهد الإدارة العامة جائزة «التعليم الذكي» عن منصة «إثرائي» (مبادرة البرنامج الوطني للتدريب عن ُبعد إحدى مبادرات رؤية المملكة 2030)، والتي تمثل بعدا تدريبيا إلكترونيا جديدا، وتهدف في الأساس لتثقيف الموظف الحكومي ورفع كفاءته، وتدار المؤتمرات بشكل إلكتروني بالكامل، القائد الإداري للمعهد الدكتور مشبب القحطاني يعلم جيدا سقف طموحات المعهد التي ليست لها حدود، ويعلم تماما أن أبناء المعهد لن يرضوا إلا أن يكونوا قدوة للأجهزة الحكومية الأخرى كما هم دائما.