على طريقة زعيمي شطري «الكوريتين»، ومن أجل تجسير الهوة الواضحة ما بين طابور المعلمين وبين معالي الوزير، فإن على الطرفين أن يعبرا الحد الفاصل في المتر الأخير ما بين الطرفين. أن يتصافحا من أجل ملايين الطلاب. تسمح لي الروح المتصالحة التي أعرفها جيداً عن معالي الأخ الدكتور أحمد العيسى أن أقول له مداعباً: لن يضرك في شيء إن أعلنت نزع بعض الصواريخ التويترية أو التخلي عن بعض القرارات النووية التي تستفز المعلم دون أن تكون لها أي فوائد أو عوائد تربوية.

خذ مثلاً، صاحب المعالي ردة الفعل تجاه آخر القرارات حين ألزمت المعلمين بالدوام، ولو دون الطلاب والفصول، في أيام الأمطار والعواصف. كلها يا معالي الوزير، مجرد زوبعة في فنجان قهوة قوقازية، وهو بالمناسبة أصغر فنجان قهوة على وجه الأرض، فنحن لسنا، يا صاحب المعالي من سكان كولومبوس، أوهايو، حيث درست أنت، ولا من قاطني إدمنتون بكندا حيث الثلوج ثلاثة أرباع العام. كل القصة برمتها لا تزيد عن يومي تعليق للدراسة في كل العام الدراسي ولو كنت مكانك لقلت لهم من أجل كسبهم وتشجيعهم: أنا أكثر حرصاً عليكم وفي مثل هذا اليوم النادر، كبروا المخدة.

صاحب المعالي، وأيضاً أخي المواطن: المعلم هو الموظف الوحيد الذي لا يستطيع اختيار موعد إجازته. هي محددة له سلفاً فلا يتمتع بها إلا في مواسم الذروة وقياسية أسعار السفر وتكاليف الإجازة. وحين ينصرف المعلم من دوامه عند الواحدة والنصف ظهراً وقبل نصف ساعة من أي موظف آخر، فإننا نتناسى ونتجاهل أنه يبدأ الدوام عند السادسة والنصف فجراً، وقبل أي موظف آخر، وأتحدى، بساعتين. المعلم هو المواطن الوحيد الذي يقضي أول 22 سنة على مقاعد الدراسة ثم يبدأ بعدها أكثر من 30 سنة في ذات الفصل مع تبدل الأدوار، وهنا أتحدى أي موظف حكومي آخر أن يواصل ذات الصبر لستين سنة من العمر في ذات البيئة وذات الغرف وذات الروتين المتكرر في كل صباح: من الطفولة حيث تقول المعلومة التي قرأتها ذات زمن ومن مجلة «المعرفة» الصادرة من نفس الوزارة أن 70 % من هذه الغرف إما بتكييف رديء أو حتى دون مكيف. بعضنا من كتائب الموظفين يضيق به المكتب الواسع إذا ما وجد به ثلاثة مراجعين في لحظة واحدة. نعم: أنا منحاز للمعلم لأنني واثق أن هذه هي رغبة معالي الوزير.