اتخذت الحكومة اللبنانية وضع الميت بعد مرور أيام على اعتبار تنظيم حزب الله إرهابيا، لم تدل بأي تصريح، ولم تعلق على الموضوع وكأنها تعيش في عالم آخر وكأن ما حصل لا يعنيها، بل لا يمس أحد أعمدتها والذي يتمثل فيها بوزراء يعتبرهم العالم العربي والولايات المتحدة الأميركية إرهابيين.

بعد النتائج التي أفرزتها الانتخابات النيابية في لبنان بدأ التحضير لتسلم المجلس النيابي الجديد مهامه، وبعدها تشكيل حكومة جديدة، والجدير بالذكر هنا أن كل المسؤولين التابعين لحزب الله في البرلمان أو الحكومة أو أي من مؤسسات الدولة اللبنانية يعتبرون إرهابيين بحسب التصنيف الجديد الذي لم يستثن الجناح السياسي للحزب من هذه القرارات، ولكن الأهم من كل ذلك هو ما سيصيب حلفاء حزب الله، ومن يعملون لأجله ويقدمون له الخدمات في الدولة اللبنانية والخارج، ونتحدث هنا عن التيار الوطني الحر، وآخرون ليس آخرهم تيار المستقبل الذي سيكون رئيسه المرشح الأبرز لرئاسة الحكومة اللبنانية القادمة، وهذا ما يضعه إما في مواجهة مع حزب الله إذا رفض إشراكه في الحكومة وإما في مواجهة مع دول الخليج العربي والولايات المتحدة الأميركية في حال إشراك الحزب بالحكومة والتعاطي معه، بعيداً عن العقوبات والقرارات الدولية التي لم تستثن الأمين العام للحزب الإرهابي حسن نصر الله ونائبه نعيم قاسم.

إن المرحلة القادمة ستشهد صعوبات كبيرة في تشكيل الحكومة المقبلة، وسيكون المجتمع الدولي أكثر حزماً في منع وصول وزراء من حزب الله إلى حقائب معينة في مجلس الوزراء والأرجح وبحسب المعلومات أن تقوم دول الخليج العربي بالتصعيد بوجه الحكومة إذا دخلها حزب الله لتفرض عقوبات لن ترحم أحد، خصوصاً بعد تجاهل حزب الله والحكومة اللبنانية برئاسة الحريري كافة الرسائل السعودية والتحذيرات من الاستمرار بخرق سياسة النأي بالنفس والتدخل في الشأن اليمني واستهداف السعودية بالصواريخ، وتدريب الإرهابيين الحوثيين، وإيوائهم في لبنان، وتقديم الدعم المالي والعسكري لهم.

لقد قامت دول الخليج العربي بإعطاء لبنان العديد من الفرص لتجنيبه المواجهة المباشرة معها إلا أن إصرار الحزب على تحدي هذه الدول والتحريض عليها لم يعد من الممكن السكوت عنه، خصوصاً بعد أن استمر بالتحريض على دول الخليج وممارسة نشاطات إرهابية بغطاء سياسي أمنته له الحكومة اللبنانية، ورئاسة الجمهورية وأصبح خطر هذا التنظيم يتزايد في عدة اتجاهات، وأصبح سلاحه مرتبطاً بإيران وسياساتها ومشروعها الإرهابي في المنطقة بشكل كامل، ولم يعد أحد في لبنان قادرا على وقف هذا السرطان الذي انتشر في المدن والبلدات وحتى العاصمة التي نزح إليها هذا الحزب وجمهوره هاربين من الاحتلال الإسرائيلي، ليتحولوا هم أنفسهم إلى محتلين للعاصمة ويتفوقوا على الإسرائيلي بالإرهاب والقتل، ويحولوا عاصمة العرب بيروت من سويسرا الشرق إلى أكبر مكب للنفايات والتلوث والإرهاب والتحريض على العرب والسقوط بمستنقع الإرهاب الخامنئي.

 المطلوب اليوم من الداخل اللبناني الاختيار بين أن يكون مرتهناً للإيراني ونظامه وسلاحه ومخططاته التخريبية وبين أن يعود لحاضنته العربية التي أعادت إعماره عندما دمرته الحروب والصراعات الداخلية، بين من أرسل أبناءه للجامعات والعمل في دول الخليج، وبين من أرسل أبناءه للموت في سورية والعراق واليمن، على اللبنانيين الاختيار بشكل جدي بين من ساند اقتصادهم واستثمر في بلدهم وبين من تسبب لهم بالمقاطعة والتدهور الاقتصادي والسياسي وحتى الاجتماعي، عليهم الاختيار بين من يروج للمخدرات والسلاح غير الشرعي والطائفية، وبين من يروج للأمل والمستقبل الأفضل لأبنائهم، عليهم بصراحة أن يكونوا إما عرباً أو فرساً، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يكونوا في المنتصف بين هذا وذاك ولا يمكن القبول بدعم لبنان واقتصاده وسياساته طالما هم في أحضان إيران وميليشياتها ساقطون مستسلمون، عليهم بصراحة الاختيار بين أن يكونوا أبناء رفيق الحريري أو مرتزقة الخامنئي ونصرالله الإرهابيين.

اليوم الخيار بين مشروع الدولة وبين مشروع الدويلة يبدأ باتخاذ القرار الحقيقي والنهائي، إما أن تكونوا في محور الاعتدال والعروبة، وإما أن تستمروا بتغطية حزب الله ومشروعه الإرهابي، وعليكم أن تعوا جيداً أن المجتمع الدولي اليوم أكثر جدية بالتعاطي مع هذا الملف، ولن يتهاون بمحاسبة المتورطين والداعمين والحلفاء المقربين من هذا الحزب بجناحيه العسكري والسياسي، الذي تورط باغتيال الشهيد رفيق الحريري وقتل عشرات آلاف السوريين والعراقيين واليمنيين، وتهديد وقصف السعودية وإنشاء خلايا إرهابية في البحرين والكويت، والتآمر على العرب لصالح المشروع الخامنئي الخبيث!