وضعية المدربين الكرويين تذكرني بالممثلين الذين يقفون على خشبة المسرح ويؤدون أدوارا درامية، فهناك من يبدع ويلوي الأعناق. وربما يظهر المتألق ذاته في مشهد آخر، لكن صورته باهتة، والسبب أن دوره السابق كان يتناسب مع إمكاناته وقدراته، والعكس في المشهد الآخر اجتره باجتهاد ولم يتمكن من سرق الانتباه، لا أود الحديث والاستطراد في الدراما الرحبة لأنني لست متخصصا في هذا المجال، ولا أملك القدرة لفرز قدرات المبدعين من الذين تقتصر مهامهم على (الكومبارس)، لكن سأوغل بكل ثقة في شأن المدربين لامتلاكي مصباحا يمكنني من الدلوف في دهاليز الجوانب الفنية دون خوف من التعثر، فهناك كوادر تبدع مع فرق وترسم العطاء في كامل حلله، لأن الأدوات التي بحوزتهم تمكنهم من تفعيل ما ينشدونه، لكن نجاحهم مع ذاك الفريق قد لا يتحقق حينما يشرف على آخر، وأيامهم لا تطول وسرعان ما يغادرون من الباب الواسع، لأن من يفعل نجاحهم مفقود. الإشكالية ليست هنا ولكن من يختار الكادر التدريبي، صحيح أن السيرة الذاتية تعطي انطباعا أوليا للتعرف على جزء من ملامح شخصية المدرب. والأكيد أن العمل على أرض الواقع يكشف كل الملامح والتجارب التي أكدت أن هناك ارتباطا وثيقا بين المدارس الكروية والتركيبة الفنية والجسمانية للاعبين، فعلى سبيل المثال مدرسة أميركا الجنوبية يظهر بريقها مع العناصر التي تمتلك المهارة والسرعة حتى ولو لم تكن قوية البنية، في حين الأوروبية تحتاج لعنصر قوي وصاحب لياقة عالية وقدرة فائقة للالتحام، والسرد يطول في تفنيد المدارس، وربما يأتي مدرب عالمي، لكن نجاحه مرهون بتواجد نجوم متمكنة وسط الميدان، والعكس قد يبدع مدرب أقل قيمة فنية في تحقيق النتائج الإيجابية حتى لو كان الفريق مفرغا من الموهوبين شريطة تواجد عناصر تنفيذية يشربها طريقته ويترجمونها على البساط الأخضر، خلاصة القول صراع المدربين واللاعبين سيكون مغايرا في الموسم المقبل، ولن يعفي من سقوط أسماء لها تاريخها في الأسابيع الأولى لأن منهجهم التدريبي لا يتناسب مع قدرات الفريق الذي يدربه، والعكس قد ينجح آخرون لم يدر بخلد المتابع أنهم سيصلون للمؤشر المتفوق الذي يرسمونه، وموعد العراك على المسرح الكروي ليس ببعيد.