إن أول من يصوغ علاقة الوطن بالمواطن: هو المسؤول الذي يباشر تقديم الخدمات للمواطن، وهو الذي يحسّن جودة العلاقة بين الوطن والمواطن، أو يربكها ويضع الأجهزة الحكومية موضع الشك من المستفيدين منها من جمهور المواطنين، إنَّ هؤلاء المسؤولين الذين يتصلون بالمواطن بصورة مباشرة هم في النهاية من يخلق تصورا شعبيًا عامًا عن الحكومة، ولذا فمن الواجب أن يؤدي المسؤول دوره على أساس تقدير المراجع واحترامه سواءً أكان مواطنًا أو مقيمًا، ويجب أن

يعي المسؤول أنه مهما علت رتبته، فسقفه المسؤول الذي يفوقه رتبة، أما المواطن العادي المجرد من أي سلطة أو مسؤولية، فسقفه الملك وولي عهده –أيدهما الله- وهو بذلك أعلى من أي مسؤول، كما أن الملك وولي عهده يفخران، ويكرران في أحاديثهما وخطبهما أنهما بخدمة هذا المواطن - الذي لا يعبأ به أحيانًا «معالي/‏سعادة» المسؤول- وتحت أمره في أي مكان وأي زمان.

ولا يمكن تصور أي كرامة، أو عزٍ لوطن ما، إن لم تكن كرامة المواطن فيه فوق كل اعتبار، فكرامة الوطن هي حصيلة متراكمة مادتها وأساسها كرامة مواطنيه، وكرامة المواطن هي قيمته التي منحها الله تعالى له كحق إنساني عام تحت أي سماء وفوق أي أرض، حيث قال الله تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً).

ونحن اليوم نعيش في وطننا العزيز بأمن وأمان ودعة ورخاء، وسط اضطراب إقليمي غير مسبوق، وحتى نضمن استمرارية هذا العيش الرغيد الآمن، بلا اهتزاز أو اضطراب، فلا بد من المراجعة والنقد الذاتي لفحص صحة المسار، وتقييم طريقة الأداء في سبيل التطور والتحضر والتقدم، والمراجعة تؤدي دائما إلى ربط أو إعادة ربط النتيجة بالسبب،

فإن كانت النتيجة صحيحة، أدت مراجعتها إلى تطويرها وتجويدها، واختبار سبل أخرى أكثر تقدمًا، وإن كانت النتيجة غير مرضية، أدت المراجعة إلى تعديل المسار وتصحيحه، فيكفي الدوائر الرسمية سببًا لبذل أقصى درجات التقدير والاحترام للمواطن كونه إنسانا أولًا وسعوديا أو مقيما في السعودية ثانيًا، وإن كان المسؤول أو الدائرة الحكومية أو غير الحكومية

لا تعي أن المواطن السعودي هو لب الأمر وأساسه، وهو من تقوم له البلد وتقعد، وهو الوطن، ومادة الوطن، وبقاء الوطن أو ذهابه، فينبغي التغيير الفوري للمسؤول أو لثقافة العمل في تلك الدائرة، فالسعودية زاخرة بالبدلاء - رجالًا ونساءً - والذين يتمتعون بالإدارة الحكيمة، والأخلاقيات الحميدة، والعقل الراجح، ومعرفة حق المواطن السعودي وقيمته.

فعلى سبيل المثال، المواطن حينما يقع تحت طائلة النظام، فإن الأنظمة والمسؤولين عن تطبيق الأنظمة لا يتأخرون في تطبيق النظام ولا تأخذهم رأفة في ذلك، وهذا واجب لا مرية فيه، غير أنه من حق المواطن أن يحترم، ولا تهدر قيمته مهما كانت جريرته، لأن النظام كفل العقوبة المناسبة المادية الموازية للجرم، وأي تقليل من احترام المواطن صاحب المخالفة فإنه يعتبر عقوبة فوق العقوبة، ويعتبر عقوبة نفذت بطريقة غير شرعية وغير نظامية.