الشيخ عبداللطيف سيرته عطرة ومليئة بالتحديات، فهو رجل معتدل ومقرب من الملك سلمان عندما كان أميرا للرياض، واجه عندما ترأس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حربا شعواء من غلاة نظروا لقراراته على أنها تحد من سلطاتهم، فهو من أنهى فكرة المتعاونين مع الهيئة، والتي تسببت بمشاكل قانونية كثيرة، حيث إن سلطة الضبط الجنائي كانت فقط لرؤساء المراكز حسب قانون الإجراءات الجزائية...إلخ، كوزير للشؤون الإسلامية فهناك ملفات صعبة وشائكة، وربما أهمها هو كيفية تنظيم وتغيير الخطاب السائد عبر منابر المساجد  ليعبر عن الرؤية الوطنية 2030 والإصلاحات الاجتماعية، خطب المساجد اليوم لا تعبر عن الرؤية الوطنية وتطلعات حكومتنا المستنيرة، فبعض الخطباء هداهم الله جند المنبر للإساءة للأديان الأخرى، ولتمرير آرائه الشخصية والتي بالطبع فيها خلاف، ويظهرها لمرتادي المسجد على أنها

لا جدال فيها، وهذا تضليل للرأي العام، بعضهم يطبع الخطبة من الإنترنت ويردد ما فيها بدون بحث وعمل جاد لخطبة تلامس مشاكل الناس، ويقرأها بترغيب وترهيب لا يجتمعان، لذا فلا بد فيمن يعمل إمام مسجد أن يكون ذا تأهيل عال، حتى لو كان الراتب لا يعكس ذلك لأن هذه وظيفة يبتغي بها من يريدها وجه الله، وربما استثنائيا السماح لهم بأداء وظائف أخرى لا تتعارض مع واجباتهم الوظيفية الدينية، كذلك تنظيم مسألة أصوات الأذان ورفعها وعدم تعارض الأصوات بين المساجد في الحي الواحد، أيضا من المسائل الشائكة والتي لا تقل أهمية هي تنظيم بيوت الله المساجد بحيث لا يتبرع شخص ما بمسجد بدون دراسة احتياج، هل الحي فعلا يستوعب هندسيا وبشريا مسجدا آخر، ما فائدة بناء مسجد آخر في حين أنه واقعا مسجد واحد يخدم الحي، العبرة ليست بعدد المساجد فأينما تولوا وجوهكم فثم وجه الله، ما لا يدركه الكثيرون أن هناك عشوائية في مسألة بناء المساجد، فعندما يشتكي بعضهم من قلة مرتادي المساجد ومن عدم العناية بها على الوجه المطلوب، لا يعلم أن المسجد له طاقة بشرية استيعابية وبالتالي كثرتها العشوائية وغير المدروسة في أي حي هي في الحقيقة مضرة فيقل عدد الجماعة فيها، وكذلك فإن من يتبرع بتكلفة بناء مسجد وجب عليه كذلك تحمل تكاليف التشغيل والصيانة، لأن بعضهم يبني المسجد ويترك أمور الصيانة والتشغيل للدولة، وهذه أمور مكلفة اقتصاديا، ومن يريد الخير فالخير له ثمنه، وهو استثمار ديني عوائده مجزية. التيارات الدينية ومنها الإخونجية موجودة في ساحة الدعوة والإرشاد، لذلك فإن تنظيم الدعوة والإرشاد بشكل إداري وقانوني هو مطلب، فلا بد من تدريب الدعاة على منهج دعوي وسطي معتدل يرفض تسييس الخطاب الديني على حساب تيار معين، بل يكون خطابا عاما يراعي الاختلافات المذهبية والفقهية، ربما إصدار رخصة للدعاة، ويتم تجريم من يدعو بغير هذه الرخصة فهو غير مؤهل، كذلك تطبيق الأمر الملكي الكريم الداعي لقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء ومن يتم الإذن لهم، وربما اقتراح عقوبات صارمة تكون محددة، فهناك العشرات في تويتر والقنوات الفضائية يخالفون هذا الأمر الملكي الكريم كل يوم! فتنظيم المشهد الإفتائي ضرورة مهمة، وبالتالي لا يسبب بلبلة لدى الرأي العام بشأن بعض المسائل الخلافية، وكذلك لا يجب أن يفتي من لم يملك علما كافيا فهذا أمر مضر للغاية.

أهم جزئية ينبغي للوزير الجديد أن يعيها أن هناك في الوزارة من هم معتدلون، وهناك من هم لا يريدون التغيير، التدوير الإداري طريقة فعالة لكشف هؤلاء، وكذلك فالوزير الجديد وجب عليه أن يختار فريقه الإداري والاستشاري بعناية، فهناك داخل أي منظمة إدارية منظمة إدارية عميقة ربما لا تريد التغيير وتحاربه، ولنا في تجربة الوزير الراحل غازي القصيبي في وزارة الصحة خير مثال، الوزير الجديد أمامه الكثير من التحديات ولا شك أن الثقة الملكية لم تمنح له عبثا.