كانت مباراة الغريمين اللدودين البرتغال وإسبانيا من أجمل مباريات الدور الأول في مونديال روسيا. كانت إسبانيا تتقدم بثلاثة أهداف لهدفين والمباراة في أوقاتها الأخيرة عندما حارب قائد البرتغال (كريستيانو رونالدو) للحصول على خطأ خارج منطقة الجزاء الإسبانية. وخطأ في هذه المنطقة تكون فرص ترجمته إلى هدف أو إضاعة الضربة الحرة تتراوح بين خمسين في المئة لكل احتمال. ولكن فرحة البرتغاليين وكريستيانو رونالدو ومحبيه بذلك الخطأ تجعل المشاهد يعتقد أن فرص ترجمة ذلك الخطأ إلى هدف حقيقي تصل إلى مئة بالمئة. ولم يبالغ محبو النجم البرتغالي في ذلك الاعتقاد، فقد أمسك اللعب بالكرة ووضعها على الأرض ثم سددها من فوق حائط السد وكأنما حملها بيده لتستقر في المرمى، واكتفى الحارس الإسباني بمشاهدة الكرة وهي تهز شباكه، فقد كان لا يملك حولا ولا قوة مع تلك الكرة السحرية. كان النجم البرتغالي يعطي درسا عمليا في معنى الاحتراف الحقيقي للاعب، وكيف يتم دفع مبالغ كبيرة على أولئك المحترفين، وأن تلك المبالغ تتناسب طرديا مع مستوى اللاعب وإبداعه وإنجازاته.

كان أداء مخيبا للآمال لتلك الفرق العربية المشاركة في المونديال، كان أداء يقتصر على التواجد في المحفل الدولي دون تحقيق نتائج أو مستوى فكانوا أول المغادرين للمنافسة. لم تظهر أي صفة أو علامة من علامات الاحتراف الناضج على اللاعبين العرب، وكانوا هواة ولاعبي حواري في العرس الكروي. وكان منتخبنا الوطني أول المبادرين بعروضه السيئة في مباراة الافتتاح، وعاد ليؤكد مغادرته للمونديال في مباراته الثانية. والمستوى الهزيل للمنتخب السعودي في مباراة الافتتاح تحدث عنه رئيس الهيئة السعودية للرياضة والذي ألمح إلى أن اللاعبين بمستواهم الحالي لا يستحق أي منهم أن يحصل على أكثر من مليون ريال سنويا، وأن المنتخب بحاجة إلى إعداد قاعدة احترافية مستقبلية. ورغم أن طبيعة الشعب السعودي هي محبته لرياضة كرة القدم ومتابعته جميع المباريات والمنافسات العالمية، إلا أنه في المقابل فهناك عاملان مهمان كانا سببا في عدم نضح الاحتراف في الملاعب السعودية، وبقاء الوضع على ما هو عليه، بل ترديه عن مستويات سابقة ومشاركات سابقة. والعامل الأول هو التعصب الرياضي المجنون حتى أصبح الفريق واللاعب أهم من المنتخب، وانعكس هذا التعصب على مستوى اللاعبين ومشاركاتهم، ورغم محاولات الاتحاد السعودي لكرة القدم في محاربة التعصب إلا أن هذه المحاولات ما زالت تحتاج إلى كثير من الجهد والعمل. أما العامل الآخر فهو التعاطي الإعلامي مع المنتخب واللاعبين، فقد أعطى الإعلام انطباعا بأن هذا المنتخب ذاهب للمنافسة على البطولة، إن لم يكن للحصول عليها، وأن أعضاء المنتخب هم نخبة النخبة، وكان الأولى النقد بمنطقية والتعاطي مع الحقائق.

ورغم الخروج والمستوى الضعيف إلا أن اعتراف المسؤولين بوجود الخلل ومعرفة أسبابه، والعزم على إيجاد الحلول والتخطيط لمستقبل كروي واعد، قد يكون حلا ناجحا لانخفاض مستوى المشاركات الخارجية، وإصلاح الاحتراف للوصول به إلى العالمية.