شكا لي شاب صغير من مسؤول، كان لدى الشاب حاجة عنده فعندما استطاع الشاب أن يظفر بلقائه لشرح موضوعه، قال المسؤول وهو ينظر إلى ساعته «معك أربع دقائق قل ما عندك لا أريد أن تفوتني صلاة الضحى»، الشاب قال إنه شعر بحرج بالغ، ولم يستطع شرح موقفه وهو يرى الرجل ينفض عن أكمامه ويستعد واقفاً ثم يتطلع نحو الباب.

هذا الموقف ذكرني بنص نبوي عجيب وطويل يخبر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم عما سيحدث عندما تقترب الساعة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يكاد أحد يؤدي الأمانة حتى يقال: إن في بني فلان رجلا أمينا. حتى يقال للرجل: ما أجلده ما أظرفه ما أعقله وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان».

ولو قلبت عزيزي القارئ النص بمفهوم المخالفة وقلت «تجد الرجل يمتلئ قلبه بالإيمان وما في قلبه أمانة» لأدركت كيف ذكرني المسؤول وصلاته بهذا الأثر الكريم، كيف أدرك وشعر هذا الذي وُضِع على حاجات المسلمين بأهمية الصلاة سواء أكانت ضحى أو واجبة، ولم يستطع أن يقيم اعتبارا لأمانة عمله وواجبه الذي تولاه ليس أمام الحكومة فقط، ولكن أمام الله عز وجل، بل بأي وجه سيقابل الله وهو خاشع ومواطن هو مكلف بخدمته يخرج من مكتبه قد تكلف الطريق والوقت والأمنيات لقضاء الحاجات يعود بخيبة أمل يشكو لله ضعفه وقلة حيلته وهوانه على الناس.

في الحقيقة أن لدينا مشكلة حقيقية في قدرتنا كمسلمين على تحويل إيماننا إلى فعل يظهر في أقل تقدير على شكل أمانة وتحمل للمسؤوليات، رغم أننا نقضي عشرات السنين نردد بلا وعي الإيمان قول وفعل، لكن المواقف تكشفنا وتظهر أن الإيمان مجرد مظاهر وادعاءات تنكشف أمام «غلبان» يطرق بابنا.