يفسر أحد زملائي المسلمين لفتاة غربية الحجاب وأهميته فيقول: إنها يجب أن تتحجب حتى لا نفتن نحن الرجال، فسألته هل قال القرآن ذلك فأشار برأسه لا أعرف، لكن هذا ما فهمته طوال عمري.

في الحقيقة هو صادق فالرجال في عالمنا الإسلامي يظنون أن الأمور تدور حولهم في الإسلام بسبب تفسيرات ذكورية للنص، بينما الكلمات القرآنية المباشرة عند الحديث عن الحجاب وجهت للمرأة مبررة الأمر بالحجاب لأنه صيانة لها وحفظ من الأذى في مجتمع المدينة الذي كان خليطا من المشركات واليهود والجواري، فكان لا بد أن تتميز حفظا لها من أذى عدم التمييز.

هذا الذي أشار له المفكر محمد شحرور في برنامجه «لعلهم يعقلون»، وشرح نص الآية بأسلوبه البسيط والسهل، ولم يقله بمصطلحات الأصوليين أن العلة ثابتة والحكم متغير أو يقول الحكم يدور مع السبب وجوداً وعدما، بل قال حكم الحجاب متغير من باريس إلى المدينة المنورة والثابت وجود الأذى فلو خلعته في المدينة ستؤذى ولو لبسته في باريس ستؤذى فماذا هي فاعلة؟

على كل حال هذا الرأي قابل للنقاش المتعدد وأهمه بالنسبة لي أن تناقش المرأة نفسها فيه وتحدد موقفها من كل الآراء مع وضع جسدها في المكان اللائق به والذي يستحقه كسيدة مسلمة متعلمة لا تقبل أن تتحول إلى سلعة يتاجر بها سواء بعباءة الرأس أو بالتعري.

وذلك لأسباب، كلما كان قرار الحجاب بعيدا عن قلب المرأة كلما قل احترامها وتطبيقها له. المرأة التي تجبر عليه ستجد طريقها لمخادعته فتراها تلبس جلبابا، لكنه ضيق يظهر تفاصيل جسدها للناس أو ترتدي عباءة طويلة، لكنها تقلل من قيمتها بالألوان والاستعراضات وكل ما يخرجها من مظهر كائن محترم وجميل.

في السعودية تجد ذلك يظهر في عباءات الفتيات الضيقة، وفي الغرب تراه في الحجاب الأميركاني وقبعات السيخ التي غزت رؤوس الفتيات والوجوه المليئة بالمكياج والقمصان الضيقة، كلها تخبرك أن الفتاة لا تؤمن بالحجاب وغير مقتنعة به، وهناك شخص يفرضه عليها وهي فقط استطاعت تضليله بأنها متحجبة.

لذا كأم وكمسلمة أجد أن الحجاب سواء الذي في القلب أو بالمظهر يجب أن يكون انعكاسا لاحترام الفتاة لذاتها واستقلاليتها وقناعاتها المنسجمة مع إرادة الله عز وجل لها في نصه اللطيف والجميل عن الحجاب، والذي أخبرها فيه أن الأمر يدور حول حمايتها، ثم ختمه بتذكيرها أنه ربها وهو الغفور الرحيم.