أكد القنصل الأميركي العام في المملكة،ماتياس ميتمان، أن هنالك فرصة عظيمة لجذب السياح من الخارج، بما في ذلك الأميركيون، للاستمتاع بمناطق المملكة والوقوف على الجوانب التاريخية والثقافية في مختلف المناطق، مشيرا إلى أن الشركات الأميركية وخبراء السياحة سيهتمون بتسهيل عملية تطوير الصناعة السياحية بالمملكة. وأشار في حوار مع «الوطن»، إلى أنه وبحكم مسؤوليته قنصلا عاما للولايات المتحدة،

يسافر إلى عدة مناطق من المملكة، مبينا أن من أكثر الأشياء التي يهتم بها خلال زياراته، الحديث مع الصحفيين عندما يزور مختلف المدن.


خلال جولاتكم في مناطق المملكة بشكل عام، ما الانطباعات التي سجّلتها عن التحولات التنموية التي تشهدها تلك المناطق؟


خلال جولاتي المتعددة من قبل إلى مدن: أبها والمدينة وينبع وتبوك، تلمّست أن هناك حراكا في كل أرجاء المملكة، في إطار تنفيذ التحولات التي تدفع بالمملكة إلى الأمام، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين، وجهود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتنفيذ رؤيته 2030، لذلك شاهدت حرصا واهتماما كبيرين في خلق فرص للقطاع الخاص، كما رأيت اهتماما متعاظما بالقطاع الخاص الأميركي، إلى جانب اهتمام مزيد من الطلاب الراغبين في الدراسة في الولايات المتحدة، وإجمالا يمكن القول إنني رأيت اهتماما إيجابيا بالتطور، وإحداث التغييرات الإيجابية في كل المدن التي ذهبت إليها.


هل ما يتم رصده من انطباعات، يتم نقلها إلى الجهات المختصة في الولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بالمزايا والإيجابيات المحفزة للشركات الأميركية؟


نعم بالطبع، فنحن نلتقي الشركات السعودية التي تهتم بتأسيس شراكات مع نظيراتها الأميركية، إذ نهتم على الدوام بخلق شراكات بين مجتمع الأعمال في البلدين، ولدينا مكتب تجاري في القنصلية يهتم بالعلاقات التجارية، وهي تتبادل هذه المعلومات مع وزارة التجارة في الولايات المتحدة التي تضطلع بتطوير العمل التجاري، ثم تقوم بنقل هذه المعلومات إلى شركات ومؤسسات القطاع الخاص في الولايات المتحدة، عن طريق كثير من الوسائل، سواء عن طريق الإنترنت، أو غيرها.

لذلك، ألتقي مجتمع الأعمال خلال زياراتي للغرف التجارية والصناعية، للتعرف على المؤسسات التي ترغب في الوصول إلى نظيراتها الأميركية.


مزايا سياحية


كيف تقيّمون المزايا السياحية في المملكة، وخصوصا في تبوك، وهل من فرص جديدة للتعاون مستقبلا في المجال السياحي؟


بكل تأكيد، الولايات المتحدة تستقبل عشرات الملايين من السياح كل عام، ولدينا شركات عدة لها خبرة راسخة في الجولات السياحية ومجال الفندقة، وهي توفر جميع الخدمات التي من شأنها تطوير الصناعة السياحية. إنما عن تبوك فهي تتميز بطبيعة جغرافية فريدة، فهنالك مواقع تاريخية وأثرية، وبها شريط ساحلي رائع، إذ زرت منطقة شرمة السياحية ومنتجع جولدن توليب.

هنالك فرصة عظيمة لجذب السياح من الخارج، بما في ذلك السياح الأميركيون للاستمتاع بهذه المناطق الجميلة، والوقوف على الجوانب التاريخية والثقافية في هذه المنطقة من المملكة. وأعتقد أن الشركات الأميركية وخبراء السياحة سيهتمون بتسهيل عملية تطوير الصناعة السياحية.

كما أود أن أضيف أيضا، أن هنالك حوالي 15 ألف أميركي مسلم يأتون إلى المملكة لأداء مناسك الحج، إضافة إلى عشرات الآلاف الذين يأتون للعمرة، وهنالك كثير من وكالات السياحة والسفر التي ترتب لهذه الرحلات، فهي لديها الخبرة الكافية عن احتياجات الأميركيين الذين يأتون إلى المملكة بغرض الحج والعمرة.

لذا، أعتقد أن هذه الشركات بكل تأكيد ستكون لها الرغبة في جلب السياح الأميركيين إلى تبوك أو المنتجعات في منطقة البحر الأحمر، وذلك من واقع خبرتها في التعامل مع السعودية.


علاقات وثيقة


ماذا لمستم خلال لقائكم شخصيات ومسؤولين سعوديين من حيث نظرتهم إلى المستقبل على مختلف الأصعدة؟


لقد أتيحت لي الفرصة خلال وجودي في تبوك للالتقاء بالمسؤولين، ومنهم أمير المنطقة الأمير فهد بن سلطان، وقائد مدينة الملك عبدالعزيز العسكرية، كما التقيت رئيس بلدية تبوك، وقادة العمل التجاري في الغرفة التجارية والصناعية بالمنطقة، فأكثر ما لفت انتباهي حفاوة الاستقبال التي وجدناها في زيارتنا، وروح الترحاب التي قوبلنا بها، وإبداء الرغبة في إقامة علاقات وثيقة مع الحكومة الأميركية، ممثلة في القنصلية الأميركية العامة في جدة، أعتقد أن ذلك ينعكس على العلاقات المميزة والتاريخية بين بلدينا، فنحن لدينا تاريخ طويل من علاقات التعاون، سواء في المجالات العسكرية والأمنية التي رأيت جزءا منها في مدينة الملك عبدالعزيز العسكرية، كما نتمتع بعلاقات قوية في المجال الاقتصادي، إذ تعدّ السعودية من أكبر الشركاء الاقتصاديين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، والمتمثل في السلع والخدمات التي تقدر بمليارات الدولارات سنويا.

كذلك حينما زرت الجامعات ذهلت بالعدد الكبير من الأكاديميين السعوديين الذين درسوا في الولايات المتحدة، فهذا التبادل يؤدي إلى بناء جسور العلاقات بين الشعبين، كما قابلت أحد الأشخاص الذين درسوا في الولايات المتحدة، إذ تزوج هناك وله ولدان، وهما مواطنان أميركيان، ولديهما الجنسية السعودية في الوقت نفسه، فهذا أحد جوانب بناء جسور التفاهم والروابط التي تجمع شعبينا، ونحن في حقيقة الأمر لدينا كثير من القيم المشتركة، سواء فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية أو الأمنية.


فن الهيب هوب


هل يمكن أن تعدد لنا الجوانب التي يمكن التوسع فيها بين البلدين في النواحي الثقافية؟


نحن نهتم بالشباب السعودي الذي يمثل فئة كبيرة من السكان، ولدينا كثير من البرامج الثقافية والفنية الموجهة لهم مثل، الفرق الموسيقية التي تزور المملكة، كما أننا نشارك في معرض الكتاب الدولي في جدة كل عام، كما قمنا بإحضار فرق فنية في فن «الهيب هوب»، كما أحضرنا أحد الفنانين التشكليين ليشارك في فعاليات المعرض الثقافية، ودرجنا كذلك على إحضار فنانين تشكيلين لعرض الفن التشكيلي الأميركي، كما أننا نقوم بتخصيص برامج تبادل ثقافي للقادة الشباب، إذ تتاح الفرص للشباب السعودي سواء من القطاع الحكومي أو الخاص أو من المجتمع المدني، للسفر إلى الولايات المتحدة، كما أن لدينا برنامج الزائر الدولي، إذ تتاح لهم فرصة التعرف والالتقاء بالقادة الشباب الأميركيين وتبادل المعارف والخبرات معهم، حتى تتم الاستفادة منهم هنا عند عودتهم إلى السعودية.

ونحن بصدد إحضار وفود مختصة في إنتاج الأفلام وإقامة ورش عمل تتعلق بالجوانب الفنية لإنتاج الأفلام. كما أننا ومن منطلق إدراكنا أهمية الرياضة في المملكة وفي الولايات المتحدة، نرتب لإحضار شخصيات معروفة في مجال كرة القدم، وخبراء في  اللعبة ليحضروا إلى المملكة لتقديم ورش عمل ومحاضرات للشباب السعودي، باعتبار أن الرياضة هي أيضا جسر تفاهم بين الشعوب.


برأيك، هل هناك جاذبية للاستثمار السياحي في المناطق السعودية؟


أعتقد أن هناك إمكانات كبيرة في المملكة لزيادة حجم النشاط السياحي، خلال المنشآت السياحية بالنسبة للمواطن السعودي الذي يسافر لقضاء الإجازات خارج المملكة، سواء إلى دبي أو بيروت أو إسطنبول أو القاهرة، أعتقد أنه هنالك فرصة كبيرة في السوق المحلي للمواطن السعودي، كما أن هنالك إمكانا للسوق العالمي الذي لم يحظ بفرصة مشاهدة المواقع السياحية في البحر الأحمر، وفي منطقة شرمة التي تحوي إمكانات هائلة لجذب السياح من العالم، مما يعزز القطاع السياحي في المملكة بحركة نشاط دولية، لا تقتصر فقط على السياح القادمين من الولايات المتحدة، ولكن أيضا من جميع أنحاء العالم، لأن هنالك فرصا رائعة لرؤية الآثار التاريخية والمناطق الساحلية والشواطئ التي ما زالت بكرا، وكذلك أنشطة ومنتجعات وتسلق الجبال والمواقع، مثل مدائن صالح وغيرها، جميعا قيد التطوير لتصبح أكثر جذبا وفقا لرؤية 2030.


مبادرات


ما الجديد حول التعاون في مجال التبادل التعليمي والثقافي والسياحي بين المملكة والولايات المتحدة؟


لدينا حاليا كثير من البرامج في مجال التبادل الثقافي والتعليمي، بما في ذلك منح فولبرايت وبرنامج همفري، كما لدينا برنامج الزائر الدولي، وبرنامج القادة الشباب، هذه ضمن البرامج الثقافية التي نقدمها في الوقت الحالي، وشهدت هذه البرامج نجاحا كبيرا، ونحرص على تطويرها وسنستمر في هذا الاتجاه، وذلك باستقطاب مزيد من الشباب السعودي، وإرسالهم إلى الولايات المتحدة لدراسة هذه البرامج.

ونحن على ثقة تامة، أن لهذه البرامج كثير من النتائج الإيجابية التي حققها كثير من الخريجين الذين استفادوا منها عند عودتهم إلى المملكة، كما لدينا أيضا مبادرات ثقافية جديدة خلال التواصل مع هؤلاء الخريجين، حتى تتم الاستفادة القصوى من تجربة سفرهم إلى الولايات المتحدة.


ما دوركم في توجيه الشركات الأميركية الراغبة في الاستثمار في السوق السعودي؟

وهل رصدتم شكاوى أو ملاحظات من الشركات خلال الفترة السابقة؟


نحن، كقنصلية عامة في جدة، لا نقوم بتوجيه الشركات الأميركية في اتجاه محدد، ولكن يتركز دورنا في تسهيل الفرص المتوافرة في المملكة، وذلك خلال التعرف على تلك الفرص وتزويدهم بالمعلومات الضرورية، فنحن حينما نزور أي منطقة ونلتقي رجال الأعمال في الغرف التجارية، نتعرف على توجهات مجتمع الأعمال، وما إذا كانت رغبتهم في العمل مع الشركات الأميركية، ثم ننقل هذه الرغبات والمعلومات إلى الشركات في الولايات المتحدة. وأعتقد أنه في أي مجال تجاري في العالم قد تواجه الشركات بعض الصعوبات التي ترغب في حلها، لا أود أن أخوض في تفاصيلها، ولكن وضعنا دليلا تجاريا خاصا بكل دولة، ولدينا موقع على الإنترنت متخصص في ذلك، ويتضمن التجارب والخبرات التي اكتسبتها تلك الشركات خلال عملها التجاري في السعودية، ولربما وجدت بعض الشركات نوعا من الصعوبات، ربما تتعلق بالجمارك والتأشيرات أو بالمعايير، وقد قمنا بوضع قائمة بهذه التجارب على الإنترنت.


الوفود التجارية


ما أبرز المجالات والأنشطة التي تركزون عليها لزيادة التبادل التجاري مع المملكة ؟


هنالك اهتمام كبير بزيادة حجم التبادل التجاري، إذ نقوم بالتعرف على المجالات التي نرى فيها إمكانا كبيرا لنجاح الشركات الأميركية وقدرتها التنافسية العالية، لذا نقوم بتنظيم الوفود التجارية الزائرة من المملكة لزيارة الولايات الأميركية والالتقاء بنظرائهم الأميركيين، وقمنا العام الماضي بتنظيم وتنسيق هذه الوفود، ونحن دوما نستكشف المجالات التي يمكن أن تقدم فيها الشركات الأميركية قيمة وفائدة للسعودية، وتحقق تنافسية عالية للاقتصاد السعودي، بما يخدم توجهات المملكة الرامية إلى التحول والتنوع الاقتصادي كما هي مضمنة في الرؤية 2030، وعلى سبيل المثال نرى أن قطاع التعدين خاصة في المنطقة الغربية من المجالات النامية، فإن هناك كثير من الشركات الأميركية المنخرطة في هذا المجال، أو تلك التي تقوم بتصنيع المعدات التي تستخدم في التعدين، وكذلك الشركات التي تعمل في المجال التكنولوجي في التعدين.