من ثمرات مجلة حباشة وصاحبها الباحث العلامة الأديب عبدالله أبو داهش أنهما لم يكونا وحدهما المورد الصادق عن أدب «عسير» وبقية أجزاء المنطقة الجنوبية وجيرانها في اليمن السعيد، حيث تميز أبو داهش بـ«الأكاديمية» التي وصل فيها إلى درجة الأستاذية، بل تجشم السفر والترحال على نفقته الخاصة من مدينة إلى أخرى مدققاً ودارساً وباحثاً مطلعاً على المخطوطات والآثار.

سعدنا بزيارته المبكرة لوالدي رحمه الله قبل وفاته بعام واحد، مكّنته تلك الخلوة من معرفة الريادة لأحد أدباء المنطقة العصاميين، وسجّل ثبتاً لبعض ما سطره قلمه في الصحافة السعودية وما قاله من قصائد وطنية معبرة عن مشاعره تجاه ولاة الأمر ومؤسس المملكة الحديثة «عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل»، إلى عهد الملك خالد رحمهم الله، إضافة إلى مقالات نقدية تناول فيها الحياة الفكرية في ذلك الزمن الجميل.

الوفاء والإنصاف لا يتوفران في هذا الزمن المتسارع الأحداث والتقلبات إلا من أمثال «أبي معاذ»، يريد العدالة بتقييم الرجال، لا مطمع له إلا إبراز الحقيقة الناصعة دون مجاملة كما عرفته فيما بعد، رفيق درب في مسيرة «نادي أبها الأدبي»، أعطى فيه من علمه وتجربته الشيء الكثير حتى غادره راضياً ومرضياً عنه.

لم تنقطع صلته بي ولا بالنادي منذ سكن «الرياض» العاصمة واختارها مركزا ودار نشر له، يبعث لي الجديد من إصداراته القيمة الحافلة بكل ما يمكِّن طلبة العلم من الاطلاع على مأثورات آبائهم وأجدادهم.

كيف كانت المنطقة قبل وجود المفكر «عبدالله أبو داهش» ونديده المؤرخ الأستاذ «محمد آل زلفة» ومؤرخ الجنوب الأستاذ «غيثان بن جريس»، وما أنتجته جامعة «الملك خالد» من كفاءات علمية نفخر بها وتعتز بها بلادهم؟

هذا ما كنا نتمناه ونرجو الاستزادة منه، فما حّك جلدك مثل ظفرك، بعد هذه البدايات وما زخرت به المؤلفات المتعددة ممن سبقنا إلى دار الخلود جزاهم الله خيراً، ومن الباقين المعاصرين وفقهم الله وأحسن إليهم، بمناسبة افتتاح وزارة الثقافة فرعاً لها بمدينة «أبها»، وتعيين الأخ الابن الدكتور أحمد التيهاني مديراً، كان اختياراً موفقاً فهو الكاتب الشاعر الناقد «الأكاديمي» لمثله تُسند هذه الأمور.

أنا وسوَاي من أصدقاء الحرف وأحباء الكلمة متفائلون بفصل الثقافة عن الإعلام لئلا تطغى واحدة على الأخرى.

لكل توجهاته وهواياته وإبداعاته، الميدان فسيح ويتسع للجميع، ودولتنا الرشيدة حماها الله قادرة بحول الله تعالى على إرضاء الجميع.

مرة أخرى نودع عامنا المجيد وعيدنا السعيد في ظل مليكنا المفدى سلمان وولي عهده الأمين.

أمنية نقدمها للأساتذة المؤرخين ولجامعي الوثائق التاريخية أن يساندوا فرع «وزارة الثقافة بأبها» بإيجاد مركز يجمع فيه ما يؤصل ثقافتنا بالماضي والحاضر والمستقبل.