تربت المرأة المسلمة في كل البيئات في العالم الإسلامي على الصمت عن حقها في المعاشرة، بل ربما عد سوء أدب منها لو تحدثت أو اعتبرته حقاً لها، فكلمة مثل ألا تستحين قد تكون كافية لتكون خطاً أحمر لا يمكن لها تجازوه فتمضمي عمرها متجاهلة لهذه الحاجات راضية بالظلم.

في الواقع هذا جرأ رجال غير قادرين على أداء هذا الحق على الزواج أو يعلمون أنهم في مقتبل وقت سيصبحون عاجزين فيه عن إنجاح العلاقة الزوجية فيتزوجون فتيات صغيرات بعضهن قاصرات، لكن هل خلف ذلك إرثا فقهيا انعكس دون أن نعي على هذا الواقع؟

 في الحقيقة أود أن أصر على أنه رأي فقهاء وليس رأي الإسلام، لأن في هكذا مسائل لا تستطيع الجزم برأي الإسلام، ولكنها آراء رجال نحسبهم أهل لها والله حسيبهم.

يقول ابن تيمية «ويجب على الزوج وطء امرأته بقدر كفايتها ما لم ينهك بدنه أو يشغله عن معيشته»، وهذا الرأي هو رأي الجمهور وخالفهم الإمام الشافعي الذي يرى الوطء حقا خاصا للزوج، فإذا تنازل عنه فلا يحق لها المطالبة به، قال تلاميذه ومنهم العيني في عمدة القارئ، وقال الشافعي: «لا يجب عليه؛ لأنه حقٌّ له، فلا يجب عليه، كسائر حقوقه».

لا أعرف الدليل الذي استند عليه الشافعي في هذا الأمر، لكن الأمر يستدعي التوقف حقا على الأقل للمقارنة بينه وبين ابن تيمية في فلسفتهما وفي قدرتهما على تصور المرأة ككائن مثل الرجل تماما خلقه الله وفطره على حاجات ثم وضع الزواج ليكون سبباً في تلبية هذه الحاجات فكيف تحرم منها؟

يستوقفني أيضا منهج ابن تيمية وهو ليس غريباً عليه، فمن تتبع فتاويه سيجد الرجل في بعضها ناصراً للمرأة معترفاً بحقها، ومنها الطلاق البدعي عنده والذي حاول فيها أن يخفف من آثار شريعة الطلاق وطريقة حدوثه، وهذا يستحق مقالاً يشرح وجهة النظر الإنسانية التي امتلكها ابن تيمية.