أكد رئيس دائرة جرائم الوظيفة العامة بالنيابة العامة علي بن محمد القرني، أنه ستخضع جرائم الفساد والاختلاس في شركات القطاع الخاص لأحكام نظام حماية المال العام، مشيراً إلى أن دوائر مكافحة الفساد التي أمر خادم الحرمين الشريفين في النيابة العامة ستباشر قضايا الاختلاس والفساد في القطاعين العام والخاص على حد سواء، وذلك لارتباط القطاعين بشكل مباشر بعد برامج الخصخصة.



وقال القرني في سياق مشاركته بورقة عمل في اليوم الختامي لمؤتمر نزاهة الدولي الثالث أمس، حملت عنوان «جرائم الفساد المحتملة في برامج الخصخصة» إن جرائم الاختلاس يجب أن يتوفر فيها عنصران: صفة الجاني (موظف عام) صفة المال (مال عام)، وهذان العنصران لا يتوفران حاليا في شركات القطاع الخاص، أما بعد الخصخصة فستخضع كافة الشركات لنظام حماية المال العام.







برامج الخصخصة



لفت القرني إلى أنه قد تظهر في برامج الخصخصة بعض الأوصاف الجرمية التي لم تكن معهودة من قبل، وقد تزيد نسبة أوصاف أخرى عما كانت عليه، محذرا من أن الإغراق في البيروقراطية، المتعلقة بالضوابط والاشتراطات، يعمل على تعزيز ظهور حالات الفساد، من خلال التحايل عليها.



وأضاف: «هناك مرحلتان في التخصيص، الأولى: المرحلة الانتقالية: وهي المرحلة التي تبدأ من إعلان تخصيص خدمة، وهي مرحلة خصبة لوقوع الكثير من حالات الفساد، والمرحلة الثانية مرحلة اكتمال الخصخصة، وفيها تحدث جرائم معينة كنشر قوائم مالية خادعة».







تكامل اللوائح



من جهته، أكد مدير عام المشاريع والتميز التشغيلي بالمركز الوطني للتخصيص المهندس إبراهيم بن عادل شيرة، خلال ورقة عمل بعنوان «نجاح عملية الخصخصة من خلال تكامل اللوائح والضوابط التنفيذية مع الإجراءات والضوابط الرقابية»، أن العمل جار على الانتهاء بشكل نهائي من خطة برنامج التخصيص الذي يعد أحد برامج رؤية المملكة 2030، تمهيدا لإطلاقه بشكل رسمي.



ولفت شيرة إلى أن عمليات التخصيص تواجه مقاومة من قبل بعض موظفي القطاع العام، لعدة أسباب، وتأخذ هذه المقاومة عدة أشكال، كمقاومة مبدأ التخصيص، ويكمن الحل في توفير الدعم على جميع على جميع المستويات، إدارة المشاريع وإدارة التغيير.



من معوقات التخصيص عدم الجاهزية، وذلك من خلال غياب بيانات كافية في القطاعات كبيانات العرض والطلب، وغياب التشريعات اللازمة التي تنظم عملية تحول القطاع الحكومي من مشغل إلى منظم.



وأشار إلى أنه من أبرز أسباب فشل برامج الخصخصة في العديد من الدول عدم وجود الآلية الرقابية الفعالة، وقلة الشفافية، وغياب الخطط والإجراءات الواضحة، وبالمقابل فإن من أبرز أسباب النجاح الشفافية، ووضوح الإجراءات، وكفاءة الأنظمة والتشريعات، والمنافسة العادلة.







مكافحة الفساد



من جانبه، أكد المدير التنفيذي ومالك مجموعة (PRS) كريستوفر ماكي، أن المملكة تمر بتغيرات كبيرة في مجال مكافحة الفساد، والتي تتوافق رؤية المملكة 2030، وقد أسهمت هذه التغيرات في تشجيع المستثمرين لدخول السوق السعودية بكل حماس، مشيرا إلى أن الخصخصة تحقق الكفاءة، وهو الهدف الأساسي لها، وهي تمر بمراحل متعددة ومختلفة للإصلاح الاقتصادي، والتقليل من الفساد، وذلك بتطبيق معايير الحوكمة.



بدوره، اعتبر عضو بهيئة خبراء الكهرباء التشيلية بابلو سيرا، أن ما يعيق تطبيق الخصخصة وجود أنظمة لمكافحة الفساد غير فاعلة، وعند البدء في تطبيق الخصخصة، ينبغي أن يكون التطبيق أولا على عدد قليل من الشركات الإستراتيجية اللامركزية، كالاتصالات والنقل.







الجرائم المالية



كذلك أكد الشريك بقسم خدمات التحقق والنزاعات بشركة (PwC) طارق سلامة حداد، أن وجود ضوابط مناسبة خلال الخصخصة وما بعدها، لا يقلل فقط من خطر حدوث الجرائم المالية، بل يزيد من الثقة في المستثمرين والمساهمين، وهو ما يسمح للحكومة بتسويق المشاريع المستقبلية، لضمان حصول البلد على أفضل النتائج.



أما مستشار مكافحة فساد وحوكمة الدكتور كوينتن ريد، فلفت إلى أن بعض الدول الأوروبية فشلت في تطبيق الخصخصة بسبب التخصيص الكامل لجميع الخدمات، وضعف الإطار القانوني، وعدم القدرة على ضبط إدارة الخصخصة.



وبذلك يندرج مديرو وموظفو الشركات المستفيدة من برامج الخصخصة لأحكام ومواد نظام حماية المال العام الذي أقره مجلس الشورى نهاية نوفمبر 2016، وتلزم أحكامه الوزراء ونوابهم وأصحاب المراتب الوظيفية الممتازة والـ14 و15 في نظام الخدمة المدنية ومن في مستواهم الوظيفي في السلك العسكري والدبلوماسي، إضافة إلى أمناء المدن ورؤساء البلديات ودرجات السلك القضائي، وكتّاب العدل ومديري العموم للشؤون الإدارية والمالية ورؤساء أقسام المحاسبة، تقديم إبراء ذمة مالية عند شغل الوظائف والمراتب السابقة.







غرامات مالية



تجدر الإشارة إلى أن النظام ينص على معاقبة كل موظف عام اختلس أو شارك في اختلاس مال عام حازه بسبب وظيفته بالسجن مدة لا تتجاوز 10 سنوات أو بغرامة مالية لا تزيد على 5 ملايين أو بهما معا، ويعاقب من استولى أو شارك في الاستيلاء على مال عام اتصل به بحكم عمله أو تصرف فيه بغير حق أو سهل ذلك لغيره بالسجن مدة لا تتجاوز 5 سنوات وبغرامة مالية لا تزيد على مليون ريال.



كما يعاقب النظام كل موظف عام كلف بالتفاوض أو التثمين أو التعاقد من جهته مع جهة داخل أو خارج المملكة في شؤون تلك الجهات وترتب حقوق والتزامات مالية من ذلك وتعمد إجراءها بما يضر بالمصلحة العامة أو ليحصل على منفعة لنفسه أو لغيره، ليعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 10 سنوات أو بغرامة قدرها 5 ملايين ريال، ويحرم الموظف العام الذي تثبت إدانته بالاختلاس أو الاستيلاء على المال العام من شغل أي وظيفة عامة حتى بعد إتمام العقوبة.



كما تضمن مشروع النظام أحكاما تتعلق بالإهمال والتفريط التي تقع نتيجة إغفال أو امتناع الموظف العام الالتزام باتخاذ الحيطة والحذر كما أوجبتها الأنظمة واللوائح المعمول بها من أجل منع حدوث التلف والضرر بالمال العام.







حماية المال العام



ألزمت مواد نظام حماية المال العام الجهات المشمولة بأحكامه، بإشعار ديوان المراقبة العامة كتابياً بما تجريه من تغيير في سياستها وخططها الاستثمارية بما لديها من أموال عامة، وحق الديوان في التعقيب على التغيير إن وجد، ونصت المواد على إبلاغ هيئة مكافحة الفساد بأسماء الموظفين التابعين لها المكلفين بتقديم إقرار الذمة المالية وبياناتهم وتحديثها بما يستجد على مسميات الوظائف المشمول في هذا النظام، كما أوضح النظام مسؤولية «نزاهة» بتلقي البلاغات عن حالات الاعتداء على المال العام، وأسند للمباحث الإدارية الضبط وجمع الأدلة، كما أوكل لهيئة التحقيق والادعاء العام مسؤولية التحقيق في الجرائم المنصوص عليها في نظام حماية المال العام.