هناك فئة كثر لا يزالون يتغنون بأن اللاعب الواحد بمقدوره تحقيق الإنجازات والمكاسب، ويؤكدون رؤيتهم الفنية بالنجوم الكروية السابقة بيليه، مارادونا، كرويف، والبقية الذين سجلوا حضوراً لافتاً خلال مشاركاتهم مع منتخب بلادهم، وربما يكون لأنصار هذا الرأي وجاهة إبان كانت كرة القدم تعتمد على الأداء الفردي، وجندلت الخصم، بمعنى أن الحلول الفردية تحسم المعادلة الصعبة. لكن هذا الجانب أصبح ضيقا في علم كرة القدم الفسيح الذي تجاوز مؤشر الفردية، ولم يعد رأس الحربة منبع الأهداف الذي إن غاب عن التسجيل خرج الفريق خاسرا، وإذا ترجم الفرص تراقص العشاق وأصبح الفرح يحيط به، وكأنه العريس والأنظار تتجه صوبه وتبتسم في وجهه، الأكيد أن كرة القدم حالياً إيقاع متكامل، فالظهير يسجل، وقلب الدفاع ولاعبو الوسط يملكون أدوات التهديف، بل إن المهاجم الذي عرف سلفاً أنه صاحب اللمسة الأخيرة تبدلت أحوله في الوقت الحالي، وأصبح يؤدي أدوارا تكتيكية مختلفة بفتح الممرات لزملائه وسحب المدافعين، وبالتالي شاهدنا العديد من الأهداف التي سجلت في نهائيات كأس العالم الحالية تأتي من الخلف، في إشارة إلى أن الجماعية المعيار، وما تجسده منتخبات بلجيكا وكرواتيا والمنظومة الجميلة لفرنسا تأكيد لذلك، بل إن النجوم الأحادية في تلك المنتخبات منصهرة في قالب المجموعة، في حين أن المنتخبات التي يطفو فيها اسم النجم المميز، كميسي ورونالدو، غادرت التنافس مبكراً بخيبة أمل كبيرة، لأن جهد الجندي الواحد تلاشى أمام إيقاع المنظومة المتكاملة. ومادام الحديث عن اللاعب الواحد ففي السابق كان المنتخب السعودي يعتمد بشكل كبير على قدرات المهاجم ماجد عبدالله، بل إن كل التمريرات من الوسط والظهيرين، وحتى حارس المرمى، كلها تذهب صوب ماجد، وحينما يوفق نخرج بمكاسب، وفي أحياناً كثيرة يكون غائبا، فنخسر بل إن الجماهير السعودية كانت في فترات مضت تتمنى تحقيق كأس الخليج للمنتخبات، وحينما رحل جيل ماجد والنعيمة والبقية، حضرت كوكبة مختلفة بقيادة أنور والعويران وسامي وعبدالجواد، وحققنا كأس الخليج والتأهل لكأس العالم بالأداء الجماعي الذي لا يعتمد على لاعب بعينه، فالكل يسجل، وفي الوقت ذاته يدافع، وهذا المعيار الحقيقي لمنظومة كرة القدم الحديثة التي تتماسك فيها جميع القوى في سبيل الوصول للهدف، بعيداً عن مهارة لاعب واحد الذي يتوارى حينما يصطدم بصلادة المجموعة.