في مشهد سيئ انقلب إلى رائع جدا بقيام الأمن الصناعي بمدينة الجبيل قبل أيام بتغريم عائلة تركت مخلفاتها في حديقة عامة، إضافة إلى إرغامها على تنظيف المكان الذي كانوا قد شوهوه بالمخلفات.

مشهد أوله متكرر في شوارعنا باستمرار وآخره غائب تماما..

والذي قد لا يعرفه الكثير أن لائحة الغرامات والجزاءات المتعلقة بالمخالفات البلدية المقرة بقرار مجلس الوزراء رقم 218 في 6/ 8/ 1422 قد فرضت عقوبة على من يلقي النفايات 100 ريال كحد أدنى و200 ريال كحد أقصى، والغريب أنه قلما يتم تطبيق هذا النظام من قبل البلديات، بل أكاد أجزم أنه لم يطبق.

لا يشك عاقل ما لرمي النفايات من ضرر -ليس فقط تشويه المنظر- بل وأضرار أخرى تخفى على الكثير، فإنه وفقا لما أوردت «دائرة الحدائق الأميركية» فإن عبوة البلاستيك تستغرق 450 سنة لتحصل لها عملية التحلل Biodegradation، أي لتختفي من على الأرض، وعلاوة على هذه المدة الأمدية فإنها إذا تحللت لن تختفي إلا عن الأنظار، وإلا فإنها ستصبح فتاتا يختلط بالتربة ويعمل أعماله! أما علب الألمنيوم -كعلب المشروبات الغازية- فتحتاج إلى 200 سنة لتتحلل، وتحتاج حفاظات الأطفال المتناثرة في المتنزهات إلى 150 سنة، أما الأكياس البلاستيكية التي تراها في كل مكان فتحتاج إلى 20 سنة، والمناديل الورقية تحتاج لشهر تقريبا، وأما العلب الزجاجية ختاما فلم يستطع العلماء تحديد كم من الوقت تحتاجه لتتحلل، أي أنها تحتاج إلى الألف عام وأكثر!

والواقع أن لهذا السلوك السيئ -أقصد رمي النفايات- أضرارا لا يستهان بها، كإعاقة الإنبات للنباتات، وامتصاص النبات لمواد سامة بعد تحللها واختلال التوازن الميكروبي للتربة، وفصل التربة لجزء علوي يحوي الماء، وسفلي لا يحوي شيئا، وهذا عند دفنها، كما أن النفايات تنتج غازات ضارة جدا كغاز CO أول أكسيد الكربون الذي يضعف البصر بعد اتحاده بحديد الدم، وتنتج النفايات غاز CO2 ثاني أكسيد الكربون المسبب للاختناق وتهيج الحلق والتهاب الأغشية المخاطية، وغاز الأمونيا المسبب للعقم، وغاز كبريتيد الهايدروجين المسبب للوفاة عن طريق إضراره بالجهاز العصبي، وغيرها مما ذكر وأثبت في المراجع العلمية العالمية.

كل هذه الصور السيئة تبدأ عندما ترمى النفايات بشكل مستهتر بحياة الناس، وفي وجهة نظري لا بد من «تفعيل» الغرامات المالية بهذا الشأن، بل وزيادتها، كما أنه من الحلول الجيدة هو استبدال الأكياس البلاستيكية، حيث ذكرت إحدى المنظمات الأميركية ذات العلاقة أن 80%‏ من النفايات بلاستيكية، وهذا الاستبدال يكون بمواد الكارتون أو المواد الورقية كما فعلت إيطاليا وكانت الأولى عالميا باستبدال الأكياس البلاستيكية بما يسمى Thin plastic bag، ثم تبعتها الصين وجنوب أفريقيا وأوغندا وكينيا وبنجلاديش والنيبال، أما في دولة الإمارات فقد استبدلت الأكياس التقليدية بالأكياس البلاستيكية «القابلة للتحلل» من نوع OXO كحل رائع جدا، وهو بلاستيك يعتمد في تكوينه على مواد ذات أصول «نباتية» عضوية كالسيليلوز والنشا.

والذي لا يغيب عن البال هو أن دول الخليج تستهلك سنويا 20 - 25 مليار كيس بلاستيكي!

ومن الجميل جدا ما يحدث في سنغافورة وهو أن يعاقب من يرمي المخلفات في الشارع بأن ينظف ذلك الشارع في يوم الأحد مرتديا زيا مكتوب عليه «أنا ألقي النفايات»، أما في دبي فتصل الغرامة إلى 5000 درهم، وفي كاليفورنيا يغرم من يرمي النفايات بدفع 1000 دولار، بينما ما زالت الغرامة القصوى لدينا قرابة 53 دولارا «200 ريال»!

ختاما، فإن المجتمع لا بد له من حزم النظام، والبلديات ما زالت لم تنفذ غرامات مالية على المستهترين بحياة الناس، والمشوهين مناظر مدننا الجملية!

كما أن الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس صرحت منذ عام ونصف العام تقريبا بمنع استيراد وتصدير وتصنيع المنتجات البلاستيكية، ولكن.. لا شيء من هذا حصل.

فإلى متى؟!