عندما يضغط المجتمع على بعض أفراده لسلوك أو هواية أو مهنة خارجة عن الأعراف والقيم التي نشأ عليها المجتمع فإن هذا يقود «بعض» هؤلاء الأفراد للتناقض والبحث عن الشعبوية.

لا أحد يريد أن يكون منبوذا في محيطه، الكل يبحث عن الشعور بالانتماء. وأعتقد أنها غريزة إنسانية وشعور فطري. الأمر غير الفطري هو أن تتغلب رغبة الانتماء للمجتمع على واقع الفرد المنبوذ، ليعيش حالة من التناقض المقصود بكل خبث. للتوضيح أكثر هناك حالتان شهيرتان قد يختزلان الموقف.

الأولى لفنانة خليجية كانت دائما ضد قيادة المرأة في السعودية. صرحت في ذلك مرارا وتكرارا. وكانت تحتج بأن هذا بلد الحرمين الشريفين فكيف تقود به المرأة! هي بذلك تحاول التقرب لفئة من المجتمع بحيث يتناسوا أنها تحيي حفلات غنائية وحفلات زواج بموسيقى ورقص وسهر وبذخ إلى منتصف الليل!

الحالة الثانية هي لممثل ومسرحي كان نكرة في مجاله، وبعد أن لفظه الفن عاد وسل سيوفه عليه، وأصبح ينتقد المجال الفني في السعودية وينتقد الابتذال فيه، ويحذر من وجود السينما. وكنت أتفق مع بعض نقده خاصة في عدم إعطاء الفرصة لأبناء الوطن وفي المبالغة في الابتذال. ولكني تفاجأت كما تفاجأ غيري بأنه لعب دور البطولة في مسرحية عرضت عام 2013، وقام بأدائها مجموعة من الفنانين العرب! متناسيا كل التنظير الذي كان يسوقه علينا في تمكين أبناء الوطن.

الأمر المضحك أن هذا الفنان شارك عام 2011 في أكثر الأعمال السعودية ابتذالا، وهو مسلسل سعودي يحكي عن قصة الخدم في منازلنا، ودار حوله لغط كبير في ذلك الوقت، لدرجة أن كثيرا من الناس طالب بإيقاف المسلسل لما فيه من إساءة للمجتمع السعودي.

هذا الممثل يسمى اليوم بالأديب والمفكر والشاعر السعودي!