تنظم جامعة القصيم، ممثلة في وحدة التوعية الفكرية، اليوم، مؤتمر الصحوة المفهوم والإشكالات، برعاية أمير القصيم الأمير الدكتور فيصل بن مشعل، وذلك في بهو الجامعة، ويستمر المؤتمر اليوم وغدا، بمشاركة خبراء وأكاديميين متخصصين، وبحضور أعضاء من هيئة كبار العلماء.


اعتدال

أوضح مدير جامعة القصيم، المشرف العام على المؤتمر الدكتور عبدالرحمن الداود، أن المؤتمر يأتي ضمن فعاليات الجامعة المستمرة في تكريس الوسطية ونشر الاعتدال، سواء كان على مستوى الأنشطة اللامنهجية، من إقامة الفعاليات والمؤتمرات والمعارض واللقاءات، أو على مستوى الأنشطة المنهجية والمتعلقة بتطوير المناهج والعملية التعليمية ككل.

وبين أنه نتج عن الوحدة إعادة صياغة لمقررات الثقافة الإسلامية بما يتناسب مع متغيرات العصر، وإضافة بعض المقررات الشرعية في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية التي تفكك خطاب الغلو وتواجه منطلقاته وأدبياته بطريقة علمية مؤصلة، ومثال ذلك مقرر فقه جرائم الإرهاب في قسم الفقه، ومقرر شبهات الغلو المعاصرة في قسم العقيدة.

 


أفكار مستوردة

أكد الدواد أن المؤتمر يناقش إشكالا معقدا ومصطلحا حاضرا في تاريخ المجتمع السعودي، وفي الوقت ذاته يحمل داخله مضامين غير صحيحة وأفكارا مستوردة، ولهذا كان هو محور حديث ولي العهد في لقاءات متعددة. وقال: «انطلاقا من مسؤوليتنا التوعوية والفكرية والوطنية في هذه الجامعة المعطاءة، وقياما بواجبنا العلمي والبحثي تم عقد هذا المؤتمر لتحليل هذا المصطلح، وإخضاعه لمزيد من التحليل والتصحيح عبر نخبة من المفكرين والباحثين»، ومضى يقول: «إن ما يعنينا

في هذا المؤتمر، هو الجانب الحركي المستورد الذي عبر إلينا من خارج الحدود وأدى ببعض شبابنا إلى خلق حالة من الصراع والفراغ بينهم وبين بلادهم، وقد تمظهر ذلك وقتها في الاحتجاج المستمر على كثير من القرارات والإصلاحات والتدبيرات السياسية لولي الأمر».



تشويه

أشار الداود إلى أن التدين الصحيح هو القائم على الوسطية والاعتدال ونشر الخير وتعليم العلم وتحفيظ القرآن ورعاية شعائر الدين، فلا شك ولا ريب أن الواجب علينا كمسلمين أن نعزز هذه المظاهر الصحيحة وننشرها في المجتمع، وأن نقف مع دولتنا صفا واحدا وسدا منيعا أمام أي محاولة لتشويهها أو تحجيمها من الداخل أو الخارج، ولا يستطيع أحد أن يزايد على قادتنا ودولتنا في ذلك، ولله الحمد، وتابع «أتذكر في هذا المقام الكلمة الخالدة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حينما قال «إنه لا مكان بيننا لمتطرف يرى الاعتدال انحلالا، ويستغل عقيدتنا السمحة لتحقيق أهدافه، ولا مكان لمنحل يرى في حربنا على التطرف وسيلة لنشر الانحلال».


رسالة.. وواجب

أكد الداود في ختام حديثه «لقد تعلمنا من قيادتنا الحكيمة أن نشتغل على مسارين متكاملين، أولهما: السعي الحثيث والمستمر في بذل الخير، من دعم مستمر لجميع المناشط الخيرية والمؤسسات الشرعية، والتعميق الصحيح لكل معاني ومظاهر الشرعية الصحيحة. وثانيهما: حماية الجيل من التصورات الفاسدة والأفكار الخاطئة التي تؤدي بهم إلى زعزعة الأمن وإتلاف النفوس وانتهاك الحرمات. هذه هي رسالتنا وذلكم هو واجبنا».


توظيفات متطرفة

أوضح عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة القصيم، مشرف وحدة التوعية الفكرية الدكتور خالد أباالخيل، أن المؤتمر لن يتحدث عن الصحوة كممارسة وسلوك، ولكنه سيتحدث عنها فكرا وتصورا للدين وقال «لو قلنا إن الصحوة أتت بشيء جديد لم يكن موجودا في الدين من قبل، فهذا يعني أنه فعل بدعة من الدين، وإذا قلنا إنها عززت بعض الممارسات والسلوكيات التي كانت موجودة في المجتمع من الأعمال الخيرية والتطوعية، فهذا صحيح، لكن الذي يهمنا في الصحوة هو تصور الصحوة للدين أو شكل التدين الذي قدمته للمجتمع».

وأضاف أباالخيل «إن الصحوة بكل أسف صنعت لدى وعي الشاب حالة من الصراع والعقلية المسكونة بالتآمر». وتابع «توجد بين أنساق خطاب الصحوة حالة توجس وعداء تجاه الدولة وعلماء المؤسسة الرسمية، بسبب بعض أدبياتهم المستوردة تجاه الحاكم وولي الأمر»، مشيرا إلى أن هذا المؤتمر سيقطع الطريق على التوظيفات المتطرفة التي تنتقد شعائر الدين تحت ذريعة نقد الصحوة.


فكرة الخلافة

يرى عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة القصيم، أن من أكبر مشكلات خطاب الصحوة هو ترويج فكرة الخلافة على حساب الدولة القطرية، فغابت دولة المواطنة وحضرت دولة الخلافة، مؤكدا أن هذا ظاهر في كثير من أدبياتهم المنتشرة في الأناشيد والمحاضرات، مما خلق جيلا من الشباب لديهم مشكلة في الانتماء، إضافة إلى أنها جعلت «التديّن» نسقا ثقافيا مختلفا، وأعاقت بهذا الشكل من التدين في بعض حالاته انسجام الشاب بدولته وثقته فيها وفي تدبيراتها، فصار الموقف الصحيح عند البعض من الشباب هو الموقف المقابل للدولة، حتى إن القرارات الإدارية البحتة التي اتخذتها الدولة تم تحويلها في خطاب الصحوة إلى حالة من المؤامرة والمنكر.