بقدر ما يحاول الجميع نبذ العصبية المناطقية والابتعاد عنها وعن مصطلحاتها، وما يدعو إليها من قول وفعل، إلا أن ما يحدث من بعض الأمور تجعل ذلك واقعا لا مفر منه.

منطقة عسير والتي تحوي 17 محافظة، ويوجد بها أكثر من 2.337.392 شخصا -حسبما ذكر في التقرير الصادر عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات- وجاءت نسبة الإناث وفق الإحصاء 51% من المجموع الكلي للرقم المذكور في الأعلى، أي ما يزيد على النصف من سكان عسير هن نساء، ومع ذلك لم توفر لهن أي مدرسة لتعليم قيادة السيارة منذ إعلان الأمر السامي بالسماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة في 26 سبتمبر 2017.

ولا يعني ذلك رفض نساء عسير القيادة أو تعلمها، ولكن عدم وجود مدارس لتعليم القيادة، أسوة بالمنطقة الوسطى أو الشرقية أو منطقة مكة والغربية، حتّم عليهم ذلك.

كما لا يوجد أي مكتب تابع للإدارة العامة للمرور، تستطيع النساء استخراج الرخص خلاله، إذ إن بعضهن سبق وتعلمت القيادة، وبقي عليها فقط استلام الرخص التي تكفيها من تحمّل المخالفة المرورية.

في الحقيقة، نحن كنساء وبنات عسير، لا نعلم على مَن نلقي باللوم حيال هذا الإهمال،

هل إدارة التعليم التي لم تنسق مع إدارة المرور لتحديد أماكن مهيأة لتعليم موظفاتها، أم مؤسسات التعليم العالي العامة والخاصة التي لم تضع خطة واضحة المعالم، لتهيئة تطبيق هذا القرار لطالباتها وبناتها وموظفاتها، منذ صدوره قبل ما يقارب سنة، أم الإدارة العامة للمرور التي دشّنت مدارس نموذجية عدة لتعليم القيادة في بعض المناطق وتركت الآخر أم.. أم..؟!

تتعدد وتتنوع الجهات المسؤولة، ويبقى السؤال: أين مدارس تعليم المرأة قيادة السيارة في عسير؟

لن تبقى المرأة في عسير أسيرة السائق أو تطبيقات التوصيل مثل أوبر وكريم، أو ولي وقريب، فإن لديه هو الآخر انشغالاته وبرامجه المختلفة عنها تماما.

المرأة العسيرية هي من بنات الملك سلمان أيضا، ويشملها القرار السامي مثلها مثل بنات وطنها، للحصول على حقها في تعلم قيادة السيارة، والحصول على الرخصة، ثم بعد ذلك السير بمركبتها متى أرادت وكيفما أرادت.

وأرجو ألا يحال هذا الإهمال باتهام أهالي الجنوب، بأنهم لن يسمحوا لبناتهم بتعلمها، ففي الأخير هو أمر ملكي، وسيتم تطبيقه على الجميع، بل على العكس بعض أهالي الجنوب اضطر للسفر إلى المناطق الأخرى لحجز موعد لابنته أو زوجته أو قريبته -أيّا كانت-

لاستخراج رخصة القيادة.