أوجد الله كل المخلوقات -صغيرها وكبيرها- من العدم، منها الأرض والسموات، وكل ما ذرأ في الأرض من أشجار وبحار وحيوانات ومخلوقات أخرى، عاشت ودرجت على البسيطة حتى بغى بعضها على بعض، حيوانات مفترسة وأخرى تدمر ما تقع عليه، كان ذلك قبل خلقه آدم عليه السلام ومن ضلعه أمنا حواء، عاشا في الجنة إلى أن تصدى لهما إبليس، وأنزلا بأمر الله إلى الأرض.

أسند الخلافة في الأرض إلى نبيه الأول وتناسل البشر من بعده في أنحاء الدنيا، وصفهم الله: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، تكاثر هذا العدد كلٌّ في جهته.

بعث فيهم الأنبياء والمرسلين، يهذبون طباعهم، ويحققون التعايش السلمي بينهم.

بعث صفوة الخلق محمد بن عبدالله -عليه الصلاة والسلام- من أرض العرب حول بيت الله المقدس، وفي الأربعين من عمره دعا إلى الله تعالى وتوحيده بالعبادة وإزالة الأصنام.

البعثة المحمدية وحّدت جزيرة العرب على ملة أبينا إبراهيم خيرا وسلامة وأمنا، قام بعده الخلفاء الراشدون نهجوا سيره.

نشأت بعد ذلك حروب الردة، فأدموها وأعادوا إلى الإسلام هيبته، وبعدهم نشأت ممالك وإمارات.

توحدت على يد بعض الولاة أمثال «معاوية، وبني مروان، وبني العباس والعثمانيين»، غابت هذه الدول وتفرق الناس أشتاتا، ونشأت القبائل العربية على فرقة وتشرذم وتنافس غير شريف.

تجمعت على أحلاف بينها وأمراء ومشايخ ومحاربين، منها ينهبون الجمال ويزاحمون على الماء في الصحراء، يتقاتلون، لهم نظامهم العرفي يرجعون إليه، ومجلسهم بزعامة قائدهم.

الضيوف المشاركون لا يقل تعدادهم عن تسعة أشخاص، لهم الشور والدور بجانب عميدهم، حكمهم نافذ على القبيلة دون اعتراض.

أراد الله خيرا بهذه الأمة الشيخ محمد بن عبدالوهاب قبل ثلاثة قرون، آزره الأمير محمد بن سعود بقريته «الدرعية»، أمده الله بالمال والرجال.

انتشرت الدعوة والْتمّ الشمل حولهما، وبعد مدة سقطت الدولة الحنفية بقوة المصريين والأتراك.

نهضت دولة الإمام تركي بن عبدالله وابنه فيصل وأبناء الشيخ وأحفاده، انتهت هذه الدولة وبدأت الدولة الثالثة بجهاد المؤسس الإمام الملك عبدالعزيز وأعوانه في أنحاء الجزيرة العربية، نهض أبناؤه الأمجاد ببلادهم أمنا ورخاء واستقرارا وطمأنينة.

توحدت القبائل تحت راية الإسلام، لا فرق بين شمال أو جنوب، أو شرقي أو غربي، الرياض العاصمة مدينة المدائن عمّرها «الملك سلمان»، كوّن منها مدنا في مدينة، سكنها ملايين من أقطار المملكة، بها العيش الرغيد بكل ألوانه، قبل ذلك قام الفيصل بتوجيه والده وعضّده إخوانه وعميدهم «سعود» بعمارة المسجدين المقدسين في الإسلام، حجاجا ومعتمرين وزوارا.

جبال قاحلة، صحراء جافة «ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم»، أضحت الآن مدنا تنافس أمثالها في العالم المتقدم، يتابعها أميرها خالد الفيصل.

اللهمّ أدمها نعمة، واحفظها من الزوال، ولا تغيّر علينا ما أنعمت به، نواصل سيرتنا الإسلامية والإنسانية وإصلاح ذات البشر.. للحديث بقيه.