قال حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في انطلاق أعمال مؤتمر «فكر» السنوي «سعدت اليوم برفقة الأخ والصديق الأمير خالد الفيصل بحضور جانب من مؤتمر الفكر العربي في دورته الـ16 بدبي»، مضيفا أن «المؤتمر يناقش صناعة الاستقرار، والاستقرار صناعة وجهد وعمل مستمر وتنمية دائمة وتطور لا يتوقف، الاستقرار هو حركة دائمة لصنع الحياة، وهو بحث مستمر عن مستقبل أفضل لمجتمعاتنا».

وتابع «سعداء بهذا الجمع الكبير من المفكرين والقادة، ورسالتنا لهم توظيف علمهم ومعارفهم وجهودهم في تنمية مجتمعاتنا واستئناف حضارتنا العربية». وأكد حاكم دبي أن «التغيير يحتاج منا توحيد كافة الجهود - كل في مجاله - بما يخدم مستقبل أمتنا، ويعمل على تحقيق استقرار وازدهار مستدامين».



فراغ إستراتيجي

أكد رئيس مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل، على أن غياب الرؤى والتوجهات الإستراتيجية عند كافة القوى الدولية حول متطلبات السلم والأمن الدوليين مسؤولة -بالدرجة الأولى- عما يعيشه العالم من توتر واحتقان وعدم يقين، والسياسات الدولية المتخبطة للدول القائدة في المنظومة الدولية مسؤولة عن كثير مما يجري في العالم وفي منطقتنا، قائلا «لكننا -نحن العرب- مسؤولون أيضا عن حالة الانكشاف الإستراتيجي في منطقتنا بفشلنا خلال العقود الماضية في حماية استقرار أمن دولنا الداخلي والإقليمي، وفي ترك النوافذ مشرعة لكافة أنواع التدخلات الدولية في شؤوننا، لقد تغير ميزان القوى العالمي وتغيرت معه موازين القوى الإقليمية، ودخلت منطقتنا في فراغ إستراتيجي أظهر طبيعة التحديات التي تواجه دولنا العربية داخليا وخارجيا.

ونعى الأمير خالد الفيصل غياب الدور العربي حاليا بقصيدة في ختام كلمته.



لحظة تاريخية

قال المدير العام لمؤسسة الفكر العربي الدكتور هنري العويط، إن مؤتمر «فكر 16» ينعقد في لحظة تاريخية عصيبة ومصيرية. وهو لا يكتسب أهميته البالغة من موضوعه فحسب، بل أيضا من حراجة الأوضاع التي تمر بها منطقتنا، والتي لم تعرف مثيلا لها في الحدة والخطورة، ولفت إلى أن العنوان الذي تم اختياره للمؤتمر: «تداعيات الفوضى وتحديات صناعة الاستقرار»، يعبر، بإيجازه البليغ، أوفى تعبير، عن هذا النهج وهذه التوجهات، وقد تعمدنا الإشارة في شقه الأول، إلى واقعنا المأساوي المرير، ولكننا أبرزنا، في شقه الثاني ما يتسم به مؤتمرنا من بعد استشرافي، وذلك للإلحاح على ضرورة الخروج من نفق الفوضى المظلم إلى رحاب الاستقرار، وللتشديد على ما يرتبه علينا تحقيق هذا الاستقرار من مسؤوليات وأعباء. وأشار إلى أن اختيار دولة الإمارات لاستضافة المؤتمر يتناغم مع رغبة مؤسسة الفكر العربي في مشاركة حكامها وأهليها إحياءهم الذكرى المئوية لميلاد مؤسسها، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.



الجامعة العربية

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط «لقد كنا، كعرب، وعلى مدار عقود، نواجه تحديا رئيسيا يتعلق بكيفية نقل المجتمعات العربية من أوضاع متخلفة خلفها الاستعمار إلى حال جديدة من التحديث والتنمية، واليوم تواجهنا تحديات إضافية.. مضاعفة ومركبة: كيف نحافظ على الاستقرار في زمن الفوضى؟ كيف نصون الوحدة في عصر التفتت؟ كيف نبني المؤسسات في زمن تآكل المؤسسات؟ كيف نعصم مجمعاتنا من تهديدات مفاجئة وتصدعات خطيرة صارت جزءا لا يتجزأ من طبيعة العالم المعاصر؟».



شخصيات قيادية وفكرية

شهد المؤتمر حضوراً رفيع المستوى من شخصيات قيادية وفكرية وأكاديمية ومسؤولين على مستوى الوطن العربي، من بينهم رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الأمير تركي الفيصل، وأمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف الزياني، والأمير بندر بن خالد الفيصل، ووزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل محمد بن عبدالله القرقاوي، ووزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش، ووزير الثقافة الأردني الدكتور نبيه شقم، ووكيل الأمين العام والأمين التنفيذي للإسكوا الدكتور محمد علي الحكيم، ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ورئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، ووزير الدولة لشؤون الدول الإفريقية أحمد القطان.

ويهدف «فكر16» إلى تقديم مقاربة تفصيلية ومعمَّقة للعناصر المؤثرة في حالة الفوضى التي نشأت نتيجة لتداخل الأزمات والأحداث المفاجئة وغير المتوقّعة، والتغيّرات القائمة تحت وطأة التقدّم المتسارع في الإنجازات العلميّة والتكنولوجيّة، وتبلور اقتصاد المعرفة ومجتمعها، وما يسمّى بــ«الثورة الصناعية الرابعة» التي تغيّر من نوعيّة الحياة على نحو جذريّ، والتدافع بين القوى المختلفة التي تسعى للمحافظة على الوضع العالميّ القائم والقوى العاملة على تغييره، حيث تبحث جلسات المؤتمر تأثيرات هذه الحالة على الدول العربيّة، مع تقديم توصيات واقتراحات بشأن سبل التعامل معها وآليات صناعة الاستقرار.