منذ عام 2011 ونحن نسمع خطابات للساسة اللبنانيين وهم يتحدثون عن النأي بالنفس، نأي لبنان بنفسه عن مشاكل وحروب وسياسات المنطقة، ولكننا لم نسمع عن التزام أحد، خصوصا حزب الله بهذه السياسة، بل استمر بوقاحة بخرقها والتطاول على الدول العربية والتحريض عليها من جهة، والمشاركة في النزاعات المسلحة والحروب من جهة أخرى، وكلما شعر الحزب بهزيمة في مكان بدأ بالمطالبة بتطبيق سياسات النأي بالنفس، ولكن وبشكل واضح وفي كل مرة تحركه إيران لتهديد الأمن العربي، فإنه يتجاهل هذه السياسة ويتحول إلى مرتزق لا تعنيه مصالح لبنان، وعلاقاته بقدر حماسه لتحقيق أوامر ولي نعمته الشيطان الأكبر خامنئي.

قبل أيام تحدث وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش وقال: إن سياسة النأي بالنفس التي يتبعها لبنان تقوّض مجددا في تناول أزمة اليمن، في إشارة لتدخلات ميليشيات حزب الله في اليمن، وكتب قرقاش في حسابه الرسمي بموقع «تويتر»، إن سياسة النأي بالنفس التي نتمنى أن يلتزم بها لبنان الشقيق تقوّض مجددا في تناول أزمة اليمن، وتمنى أن يكون للدولة اللبنانية وللأصوات العاقلة وقفة وموقف.

هذا وقبل تغريدة الوزير قرقاش بعث وزير الخارجية اليمني رسالة احتجاج شديدة اللهجة إلى نظيره اللبناني وزير حكومة حزب الله جبران باسيل، سلمها سفير اليمن لدى بيروت عبدالله الدعيس، لمديرة المراسيم في الخارجية اللبنانية رحاب أبو زين، داعيا الحكومة اللبنانية إلى كبح جماح ميليشيا حزب الله وسلوكها العدواني، تماشيا مع سياسة النأي بالنفس، وذلك على خلفية تورط حزب الله المتزايد في دعم الحوثيين.

وجاء في رسالة الاحتجاج: «لقد ظهر دعم حزب الله لميليشيا الحوثي جليا في الكلمة المتلفزة التي ألقاها أمين عام حزب الله حسن نصر الله بتاريخ 29/‏‏‏‏6/‏‏‏‏2018، والتي حرض خلالها على قتال القوات الحكومية اليمنية، وعبر فيها عن طموحه ومسلحي حزبه للقتال في اليمن لصالح الميليشيا، ومساندتها ضد السلطة الشرعية المعترف بها دوليا في تدخل سافر في شؤون اليمن الداخلية بما من شأنه الإضرار الكبير والفادح بمصلحة اليمن العليا وأمنه القومي، وتأجيج نيران الحرب في سلوك عدواني غير مبرر».

إذاً، وبعد هذه الرسالة اليمنية والتغريدة الإماراتية والرفض السعودي المطلق لتدخل حزب الله في اليمن، وعدم التزامه بسياسة النأي بالنفس، أصبح من الضروري التصعيد بوجهه ورفض سياساته الحالية، وبعد أن تم إدراجه على لوائح الإرهاب أصبح من الضروري جدا رفض أي وجود له في أي حكومة لبنانية، لأنها ستعطيه الغطاء السياسي الذي يبحث عنه، والذي تحدث عنه حسن نصرالله في خطاباته السابقة، وهنا لا يمكننا أن نقبل بأن تكون حكومة لبنان الرسمي غطاء لميليشيا إرهابية تقتل اليمنيين، وتهدد السعوديين، وتشرد السوريين، وتحرض على البحرينيين، وتزرع الخلايا لزعزعة أمن الكويتيين والإماراتيين.

واليوم المطلوب من دول الخليج العربي، وعلى رأسها السعودية والإمارات والكويت، التحرك سريعا لمقاطعة أي حكومة لبنانية يشارك فيها حزب الله، وأن تسحب ودائعها من مصرف لبنان وتعطي الضوء الأخضر لقوات التحالف الإسلامي باستهداف مقرات حزب الله في سورية ولبنان، ومنعه من الاستمرار بهذه السياسات الإرهابية ضد السعودية وضد دول الخليج العربي والحلفاء.

باختصار شديد، إما أن تكون حكومة لبنان عربية معادية لإيران، وإما أن تكون إيرانية معادية للعرب والمسلمين، وكفاكم نفاقا باسم النأي بالنفس من أجل تحقيق مصالحكم الشخصية الضيقة، لتحقيق المكاسب المالية والسياسية في حكومة يشارك فيها حزب الله محرضا على العرب ومهددا لأمنه، وفهمكم كفاية يا من كنتم في الأمس تطلبون «الحرية والسيادة والاستقلال» وتحولتم اليوم إلى تجار للحرية وقاتلين للسيادة، ومتخلين عن الاستقلال من أجل مصالحكم العظيمة بعد أن بعتم لبنان العظيم!