في أوائل الثمانينيات، عمل الطبيب السويدي الكبير والإحصائي الراحل، هانز روزلينج، كمسؤول طبي في منطقة ناكالا، وهي منطقة نائية شمال موزمبيق. وبعد ثلاثة عقود عاد ليرى ما الذي تغيَّر فيها.لاحظ روزلينج التحسينات في كل مكان، ففي المستشفى مثلا رأى العنابر تُضاء بالمصابيح وأن الممرضات يرتدين نظارات ويُمكنهن القراءة والكتابة.

وبالنسبة لروزلينج كان ما شاهده يُعد الدليل على أن موزمبيق تسير على طريق يؤدي في نهاية المطاف إلى إخراج شعبها من الفقر متجهة نحو الكرامة والازدهار. حارب روزلينج ضد ما أسماه «غريزة القدر» وهي حسب تفسيره، «الفكرة القائلة إن الخصائص الفطرية تحدد مصائر الناس والبلدان والديانات أو الثقافات».

في ناكالا، رأى روزلينج علامات مهمة يُمكن لموزمبيق الوصول إليها أيضا. كانت البلاد قد مزقتها الحرب في الفترة التي سبقت الاستقلال في عام 1975 وعلى مدى عقدين تقريبا بعد ذلك. ونتيجة لذلك، إن بعض المؤشرات لا تبدو جيدة، ففي عام 2017 مثلا كان الناتج المحلي الإجمالي للفرد 429 دولارا، ويُمثل ذلك أحد أفقر الاقتصادات على وجه الأرض.

 ولكن منذ عام 2000، ارتفع متوسط العمر المتوقع للفرد من 10 سنوات إلى 61 سنة، وانخفض معدل وفيات الأطفال بشكل كبير، أي من 176 لكل 1000 طفل إلى 71 طفلا. وما زال ذلك مرتفعا، مقارنة مع وفاة 49 طفلا في كينيا، و7 في الولايات المتحدة و2.7 في اليابان. كما يُشار إلى أن انخفاض مُعدل وفيات الأطفال في جميع البلدان الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى كان أسرع من معدل الوفيات التي عانى منها السويد.

وعن تقدُّم التعليم في إفريقيا، نلاحظ أن الحكومات الإفريقية قد وضعت جهدا أكبر في التعلم الأساسي شمل جميع أنحاء القارة. فوفقا لتقرير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» لعام 2015، تضاعف عدد الملتحقين بالمدارس الابتدائية في الفترة من عام 1990 إلى 2012، حيث وصل إلى ما يقرب من 150 مليونا.

 ولعل الانفجار المتوقع لسكان إفريقيا - من مليار نسمة اليوم إلى أربعة مليارات بنهاية القرن- سيطغى على المكاسب الإضافية التي أبرزها روزلينج. وقد تكون السذاجة الحقيقية هي الاعتقاد بأن الأمور في إفريقيا ستبقى كما هي - أو لا نلاحظ التغييرات المهمة التي تحدث بالفعل. وعلى الأقل كانت وجهة نظر روزلينج تستند إلى الحقائق وليس التحيُّز.

ديفيد بيلينج*

صحيفة (الفاينانشيال تايمز) – البريطانية