كما توقعنا قبل أشهر وكتبنا في صحيفة الوطن السعودية عن أن البيئة الحاضنة لحزب الله ستتحول في وقت قريب إلى بيئة ناقمة وحاقدة على هذا التنظيم، الذي استغل شبابها وغرر بهم وورطهم بكوارث كبيرة مع اللبنانيين من جهة، والعرب من جهة أخرى، واستدرج الآلاف منهم للعمل في الترويج للمخدرات، فكانت النتيجة المأساوية استصدار مذكرات توقيف بحقهم فأصبحوا بحاجة لغطاء من حزب الله الإرهابي، لتجنب الملاحقة والاعتقال من قبل الأجهزة الأمنية والقضائية، ولكن حزب الله لم يكن وفياً لهؤلاء، وعندما انتهت الاستفادة من خدماتهم في لبنان وسورية واليمن، تخلى عنهم وسلمهم للدولة اللبنانية بداية في حي السلم في ضاحية بيروت الجنوبية وقبل أيام في بريتال - بعلبك، وغيرها من المناطق.

حزب الله حول بيئته الحاضنة إلى بيئة حاقدة وهذا ليس مستغرباً، فمنذ تأسيسه حارب هذا الحزب الإرهابي أبناء طائفته وقتلهم دون رحمة عندما شن حرباً على حركة أمل الشيعية، ولم يرحم قادتها من بطشه وقتله لهم، فقط لأنهم يومها رفضوا الانضواء تحت رايته الخبيثة، والقبول بمشروعه، فتحدث يومها نبيه بري للإعلام، وقالها صراحة إن حزب الله قتل من قادة حركة أمل الشيعية أكثر مما قتلت إسرائيل نفسها، وطالب في رسالة إلى القيادة الإيرانية يومها بوقف إرسال السلاح لحزب الله لأنه يوجه إلى صدور الطائفة الشيعية، وأن هذا الحزب استخدم أسلحة ضدهم في الضاحية لم يستخدمها ضد المناطق المسيحية والسنية يومها.

إذاً اليوم بوضوح يكتشف أبناء البقاع أنهم محرومون من أبسط حقوقهم ولا يحصلون على ما يبحثون عنه من خدمات لمواجهة مصاعب الحياة، فالدولة اللبنانية مقصرة بحقهم والأحزاب استخدمتهم كحطب لمحرقتها الطائفية والإرهابية، ثم رمتهم على حافة الطريق ليتم اعتقالهم وحصارهم وقتلهم، ليس لأنهم خالفوا القوانين في أعمالهم وتجاراتهم، بل فقط لأنهم قالوا لحزب الله كفى ورفضوا الاستمرار في الخضوع لمشروعه وسياساته.

اليوم علينا جميعاً احتضان أهل البقاع وبدء مرحلة جديدة معهم ومواجهة حزب الله ومشروعه، مع هؤلاء الذين يعرفون هذا الحزب جيداً ويعرفون سياساته ومشروعه وطموحه وحربه ضد كل من قال لمشروعه كفى، ورفض الانصياع تحت إرادة ولاية الفقيه والسيئ حسن، كما وصفه أحد المتظاهرين المناهضين لحزب الله الإرهابي، هذا الشاب وهو «عباس إسماعيل» من بريتال والذي ظهر في مقطع فيديو متحدثاً عن إرهاب حزب الله وسياساته تجاه الشيعة والعرب بشكل عام، قال ما كان يعتبر من المحظورات لسنوات طويلة، وكانت رسالته واضحة برفض الاستمرار في التبعية العمياء، وأشار إلى أنه يعرف أنهم سيقتلونه «أي حزب الله وعصاباته»، ولكنه لا يخشى الموت على العكس من حسن نصرالله الذي يختبئ في ملاجئ تحت الأرض خوفاً من الاغتيال على يد الإسرائيلي.

إذا، عباس إسماعيل هو صوت من الأصوات التي ارتفعت بوجه الظلم الذي انتهجه حزب الله سياسةً للتعاطي مع أبناء البقاع، وهذا الصوت هو صوت آلاف الشيعة العرب الرافضين لولاية الفقيه ومشروعها التوسعي التخريبي على حساب دولنا وشعوبنا ومستقبل أبناء هذه الأمة العربية والإسلامية، فوجب تبني هذه الأصوات ودعمها وفتح الأبواب لها لتعبر نحو المستقبل المشرق، وسينتهي حزب الله على يد هذه البيئة الحاقدة عليه أكثر من أي وقت مضى في انتفاضة شعبية ستكون الضربة القاضية.