لم تَعد تنطلي على المجتمع وعلى الشباب ما يردده بعض رجال الأعمال من أنَّ شبابنا هداهم الله ليس لديهم الصَّبر على تحملُ مسؤولية العمل، وأنا اليوم سأذكر أمثلة عابرة قصيرة لشباب رأَيْتهم بنفسي في ميادين العمل، وذلك من خلال لقاءات أجْرَيْتها عبر الإذاعة والتلفزيون لفترة مضت، كان من بينهم ذلك الذي كان يعمل وعلى ظهره حقيبة في الربع الخالي، وهو يُساهُم مع عمالة التركيبات للأجهزة والأعمدة الكهربائية ودرجة الحرارة في الخمسين، وذلك الشاب الذي يوزع البريد بين الأحياء على قدميه وفي سيارة متواضعة، واليوم تراهم في المطاعم والبوفيهات ومراكز الطالب الجامعي وخلف مقْود كريم وأوبر، فهل هؤلاء عجزوا عن العمل بحجة الراحة والبحث عن المكْتب والمكيِّف أم أنها أكذوبة صَنعها بعض إخواننا العرب الذين يقِفُون مع رجال الأعمال السعوديين ليروّجوا هذه الأكذوبة؟ في يوم من الأيام زرت أول مَوقع تواجد فيه سعودي يدُير ماكدونالدز بالرياض، وحكى لي قصته وكيف أُعْطي الرخصة من الشركة المَانحَة، فأكدَّ لي أنه عمل في أحد المطاعم لدى الشركة لمدة معينة حاز بعدها على الترخيص، هؤلاء هم شبابُنا الوطني السعودي وأمثالهم كثير، لكن هل تريدون معرفة الحقيقة؟ إنها مشكلة الحد الأعلى للراتب مهما كانت طبيعة العمل، ولأضرب مثالاً في التعليم الأهلي للبنين والبنات، فالمعلم لديه 24 حصة مثل غيره من موظفي التعليم، لكن راتبه الأساسي 2800 بينما زميله يأخذ 6000 ريال، فهل يُعقل أن ينتظر هذا الشاب لمدة 8 ساعات يومياً بهذا الراتب لدى مدارس التعليم الأهلية وشقيقه له ميزات وإجازات؟ لقد أحسنت صنعاً وزارة التعليم عندما ألزمت ملاك المدارس بألا يقل الراتب عن 5000 ريال، ومع هذا تفاجأ كثير منهم على أبواب الإجازة الصيفية بإيقاف الراتب بحجة عطلة المدارس، بينما زملاؤهم في التعليم العام رواتبهم مستمرة، ألا يحق لهؤلاء أن يُحبطوا ويتركوا العمل؟ شبابنا السعودي لديهم المهارات والقدرات والمواهب، ولديهم الإبداع إذا توافرت بيئة العمل، فها هي مسك الخيرية غير الربحية، ومجالات العمل التطوعي تحظى بعناية الشباب، ومخرجُاتها واضحة للجميع، أماً أن يتولى بعض المديرين التنفيذيين العرب هذه المقولة «الشباب السعودي لا يريد العمل» فهذا كان في فترة مضت، لكن اليوم اختلف عن الأمس، وبيانات وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تثبت أن مواقع العمل في الأسواق التجارية والشركات هي بأيد سعودية ماهرة، وهذا ما جعل الأجهزة الحكومية وقيادة التوطين تعمل ليل نهار على نجاح برنامج توطين السعوديين في الوظائف والبرامج، في تصاعد مع رؤية المملكة 2030 التي سينفذها بإذن الله شباب الوطن بوعي واقتدار، بعد عودة هؤلاء المبتعثين وخريجي الجامعات والمعاهد المتخصصة، اليوم لم يَعد لأكذُوبة «السعودي لا يريد العمل» مكاناً أو وجوداً، ونحن نراهن على قوة وعزيمة هؤلاء الشباب في كل ميادين الحياة، وافتحوا نوافذ الأعين لتروا حقيقة ذلك، ولك أيها الشاب أيتها الشابة العون والتوفيق من الله، والقيادة الشابة تدعمكم دوماً.