قناة قطر المسماة (الجزيرة) مشهورة بالدجل والكذب والفتن، لأنها إنما أُسست من أول يوم على الشر والفساد، تلك القناة روّجت لكتابٍ عنوانه (المسلمون والحضارة الغربية) ونسبته لسفر الحوالي، فإن صدقت في هذه النسبة، فقد يصدف أن يصدق الكذوب، ويأتي بخبر له أصل فيزيد عليه مائة كذبة، كما هو حال الشيطان، وإن كذبت فالشيء من معدنه لا يُستَغرَب.

ولا يهمني هنا لمن الكتاب، سواء كان للحوالي، أو ليس له، أو أنه مشترك بينه وبين نظام قطر وحزب الإخوان ودعاة الضلالة في الخارج، الذي يهمني أن الكتاب يتضمن منكراً من القول وزورا، وأنه لا يساوي المداد الذي كُتب به. ومجرد الاطلاع على الكتاب وتصور ما فيه كافٍ في إبطاله، وقد قلتُ: لمن اقترح نقض ما فيه من شبهات ؟ قلتُ له: إن هذا الكتاب لم يُبْنَ على أساس وعلمٍ ودليل، بل ولا على شبهة دليل، وإنما هو أوهام وخيالات، ولذلك لا يستحق الرد - في نظري- مع تقديري لرأي من يرى أهمية الرد، فعندما يقول من كَتَب الكتاب: إن أهل المنطقة الفلانية لديهم سذاجة وغفلة...، هل هذا كلام يستحق الرد؟

وعندما يقول: إن الصنم (نسر) الوارد في قصة قوم نوح، محتَفظٌ به في الرياض، هل هذا يقوله عاقل أو مجنون؟

وعندما يصف السعوديين بالفقر، ثم يقول إنهم يذهبون للخارج ينفقون المليارات في السياحة، هل هذا التناقض يقوله من لديه مسكة عقل؟

وعندما يقول عن ابتعاث أبنائنا لطلب العلم أن ذلك دياثة وإجبار على المنكر باسم الابتعاث، فهل هذا الكلام الساقط يستحق الرد؟

وعندما يقول: إن تركيا تمثل العالم الإسلامي وأنه لا يصلح إقصاؤها من قبل حلف الناتو عن مجلس الأمن، بينما يُطالب المملكة بالانسحاب من المنظمات الدولية، فهل هذا إلا نفثة مصدور، لا يدري ما يقول؟

وعندما يُعدِّد فوائد الإرهابيين ويقول: من يُسمَّون بالإرهابيين، يندفع بهم شر عظيم عن بلاد الحرمين، ويُدفَع بهم عدم فتح اليهود سفارة في الرياض، ويُمنَع بهم الرافضة من بناء عتبات في البقيع... الخ ما تفوّه به، هل هذا كلام له قيمة؟ كيف يكون تفجير الإرهابيين في السعودية يندفع به شر عنها؟ وكيف يكون تنفيذ أجندة نظام إيران الإرهابي في التفجير في السعودية سببا لمنع بدعهم وضلالهم في السعودية، هذا كلام متناقض ومخالف لبداهة العقول، وهو كلام مرسل لا خطام له ولا زمام، يعرف بطلانه العوام والكبار والصغار، ولذلك قلتُ لا يستحق الرد ولا الالتفات إليه.

ولست هنا بصدد ذكر الأمثلة من ذلك الكتاب الذي لا قيمة له، وإن كثرت صفحاته، فهو غثاء وزبَد، والزبد يذهب جفاء، ولهذا فمثل هذا الكتاب يُطوى ولا يُروى، ولا يُلتَفت إليه، وإن اعتنى به وبطبعه وتسويقه المفسدون، فقد نبأنا الله تعالى أنه (لا يصلح عمل المفسدين).

وأنه (مُتبَّرٌ ما هم فيه وباطلٌ ما كانوا يعملون).

لقد سمعتُ أحد المروجين لهذا الكتاب، ممن شغفه مذهب الخوارج، فكفَّر حكامنا، وافتأت عليهم، وترك بلاد التوحيد والسنة ومأرز الإيمان، وارتمى في بلاد الكفار، سمعته يروي لإحدى القنوات (وهذا موثق بالصوت والصورة): أنه التقى بصاحبه سفر الحوالي، وأنه قال له: ماذا معي منك؟ فأجابه: الدم الدم والهدم الهدم، فإن صحَّ ذلك، فهذا دليل على بيعةٍ جاهلية، وتعاون على الافتيات على إمام المسلمين وجماعتهم، ولذلك فسواءٌ صدر الكتاب من الحوالي أو من أصحابه أدوات نظام إيران وقطر، أو منهما جميعا، فإنه لا يُلتَفت إليه، لأنه صادر من أصحاب رايات عمية، وبيعات جاهلية، ومطامع دنيوية، ولأنه لا يتضمن ما يستحق الرد إنما هي أوهام وخيالات، لا ينخدع بها من نوّر الله بصيرته، اللهم يا مقلب القلوب ثبّت قلوبنا على دينك.