يفخر كل شعب بمنجزات وطنه وقيادته مهما صغرت، ويرى في ذلك خطوة في طريق التنمية والتطوير، ويعبر عن مشاعر الفخر والتأييد، هذه بكلمات بسيطة أو مقالات مدبجة بعناية وحب أو بأعمال نبيلة يساهم بها في هذه المسيرة. وبلادنا ولله الحمد حققت في السنوات الأخيرة منجزات تعادل منجزات عقود طويلة في دول أخرى، وانتهجت سياسات واتخذت قرارات خدمت بها شعبها وقضاياها بطريقة جعلتها تتبوأ مراكز الصدارة في التسارع نحو الرقي والقوة، ومن حق كل مواطن في هذا البلد الكريم أن يعبر عن فخره وسعادته ودعمه لكل تلك المنجزات والقرارات، بل هو واجب عليه، من منطلق الوطنية والوفاء،

 لكن هذا الأمر يصوره أعداء الوطن بمصطلح جديد وخبيث ابتكروه هو «التطبيل».



التطبيل هي كلمة مشتقة من «الطبل» وهو «أسطوانة جوفاء يُشَدّ على أحد وجهيها أو كليهما بقطعة جلد، وتصدر صوتا عاليا عند الطرق عليها»، فاختيار هذا المصطلح لوشم التعبير عن المشاعر الوطنية لم يكن من باب الصدفة، حيث يقصدون أن الشخص الذي يمتدح وطنه وقيادته هو «طبل، أي أسطوانة فارغة مجوفة»، ويعبرون عن كلمات المدح بأنها «تطبيل، أي صوت عال مزعج»، ويصدر بعد قرع جدار الطبل «أي بعد تهديد هذا الشخص وتخويفه أو رشوته بمنافع مادية أو سواها»، هذا الوشم الخبيث لكل شخص وطني، يحقق أهدافا كثيرة تصب في الحرب النفسية التي يحاول المغرضون تعريض شعبنا لها، ومن ذلك:

 1/ التشكيك في كل من يشيد بمنجزات الوطن والقيادة، مهما أورد من أدلة على كلامه، كذلك التشكيك في كل من يؤيد قرارات القيادة أو يبيّن محاسنها مهما أورد من حجج على صحة تأييده.

 2/ تخويف وترهيب كل من يود الإشادة بأي منجز أو قرار وطني، فيلجأ للصمت نأيا عن درب السفهاء والمرتزقة أن يتطاولوا عليه بتهم تمس عرضه وشرفه.

 ولا يخفى ما يحققه هذان الهدفان المرحليان لهذا الوشم الخبيث، من توهين للمشاعر الوطنية وتجريم لها في النفوس..

 فالنفوس الأبية بطبعها تأبى أن توشم بالنفاق أو المداهنة أو الصّغار، وتنأى عن كل ما يجعلها هدفا للسفهاء أو يجعلها موضع شبهة، سبحان الله كيف انقلبت المفاهيم وتم تصوير الوطنية بأنها نفاق، وتصوير «رد الفضل لأهله وشكرهم» على أنه «تطبيل».

 هذه الحرب النفسية لا يصلح معها إلا مواجهتها بمزيد من مشاعر الوطنية ومزيد من التعبير عن الحب والامتنان لقيادة هذا البلد، وليملؤوا الدنيا ضجيجا وترديدا لكلماتهم الجوفاء هذه، ليعلموا أن المطبل الحقيقي هو المرتزق الذي يحاول تطبيع النفوس على نكران حب الأوطان وجحد الفضل أهله.

 ملحوظات يجدر ذكرها:

 1/كثير من الأدبيات العربية القديمة التي تشيد بالثائرين المتمردين على حكومات أوطانهم، والتي تصور الحكومات وكأنها شياطين، إنما كتبها أصحابها في حكومات عميلة لدول تحتل أوطانهم، فهم يمتدحون فيها الثائرين الذين هم في الحقيقة يثورون على المحتل أو عميله من حكومات خائنة، وبطبيعة الحال هم يرون في الإشادة بمنجزات تلك الحكومات والقيادات نوعا من التآمر والنفاق والمداهنة، حيث تظل هذه الحكومات هي حكومات «احتلال» من يمتدحها خائن، كما لا يخفى أن فئة ممن كتب تلك الأدبيات هم عملاء لتنظيم الإخوان الماسوني -أو تحت تأثيرهم بشكل من الأشكال- ومعلوم أن هذا التنظيم يهدف لخلق الفوضى وإثارة البلبلة وزرع الفتنة بين الشعوب وقياداتها، وذلك للوصول للسلطة والحكم.

2/ أثبتت التجارب والسنون أن دولنا الخليجية تتميز بعلاقات خاصة تربط بين حكامها وشعوبها، والمساس بحكام هذه الدول هو مساس بشعوبها وبالأوطان بحد ذاتها واستقرار وتماسك هذه الأوطان، هذه علاقة يصعب كثيرا على من تعودوا الثورة على حكوماتهم والتنمر على قاداتهم أن يتصوروها، لذا يعتبرون كل من يشيد بمنجز أو قرار وطني، «مطبلا» مدفوع الثمن.

 3/ كما أن الإشادة بمنجزات الوطن هي واجب على كل وطني شريف، كذلك إشارة أصحاب الرأي والخبرة للخلل -إن وجد-، بالطريقة الحكيمة المخلصة من النصح، هو واجب وطني.

مسك الختام:

 أنا أعشق وطني وأثق جدا في قيادته، وأكاد أجزم أن الجميع كذلك، فجاهروا بحبكم لأوطانكم ولا تعبؤوا بالمرجفين، ودعوا «المطبلين» الحقيقيين من المرتزقة خونة الأوطان، يقولون ما بدا لهم، فالقافلة تسير و...