‏تخضع مصطلحات ومسميات الأشياء في لغتنا وسائر اللغات إلى التفسيرات النفسية والذهنية السائدة للشيء عند وضعها، وترتبط بها، وقد تثبت الأيام خطأ دلالات تلك المصطلحات بإثبات خطأ تفسيراتها، ومع ذلك نظل نستعملها، وكأن ارتباطا عضويا «خادعا» نشأ بين المصطلح ودلالته، وهذا من عيوب «الموروث اللغوي»

 كمثال:

لفظة «مجنون» أُطلقت بداية على المريض النفسي، ظنا أن سبب ذلك لبسٌ من الجن له، وقد أثبت العلم الحديث خطأ تعميم ذلك، فهل تغير المصطلح!

وفي الإنجليزية، استعملوا للدلالة على المريض النفسي مفردة Lunatic، ظنا منهم أن سبب «جنونه» تعرضه لأشعة Luna، أي«القمر».

أيضا السؤال نفسه: هل تغير المصطلح مع ثبوت خطأ هذا الاعتقاد في العصر الحديث؟!

وفي الفارسية سمّوه «ديوانه» لأنهم ظنوا أن الغول «ديو» قد تمكن من هذا الإنسان

والسؤال نفسه: هل تغير المصطلح بعد ثبوت خطأ سبب التسمية مع التقدم العلمي؟!

يذكرني هذا بموضوع غرّدتُ حوله كثيرا في حسابي على «تويتر»، ألا وهو «علم الأسماء»، وأن هذا أول علم، وأشرف علم، فهو العلم الذي علّمه الله عز وجل بنفسه لأبي البشر. تشريف الله لهذا العلم «الأسماء ودلالاتها» بأن علّمه آدمَ بنفسه؛ دليل على أهميته، فحكمنا على الأمر، فرعٌ عن تصوره، وأهم صوره تنطبع بواسطة اسمه ودلالة الاسم.

لذلك، من المهم معرفة دلالات اللفظ عند الحوار حوله، والتأكد من ثبوت المطابقة في العصر الحديث. بذلك، قد نفهم ما قد نراه غريبا في فتاوى سابقة، وبهذه المعرفة الدقيقة يمكننا تحاشي ما قد يحدث من سوء تنزيل لبعض الآيات أو الأحاديث

أو الفتاوى السابقة، على واقعنا ومستحدثاته.

أيضا الإنسان البسيط عندما يدخل طرفا في أي حوار، ينبغي عليه أن يحدد دلالات الألفاظ ومناطات الأحكام، مع الطرف الآخر، تحاشيا لوقوع لبس يقود إلى سوء الفهم.

غالب أزماتنا مع بعض الشيوخ، ومشكلاتنا الاجتماعية، وحتى الشخصية، تعود إلى أزمة ثقافية ناتجة عن اختلاف فهم المصطلحات بسبب اختلاف الدلالات أو السياقات.

فتأمل كيف يمكن أن نكون أنا وأنت متفقين في المعنى واليقين، لكن خطأ التواصل قد يقودنا لنصبح أعداء أو على الأقل متنابذين.