في كتابه «الأطماع الإيرانية في الخليج» يشرح الكاتب الأستاذ عبدالله العلمي، أنّ أطماع إيران في الخليج العربي تثبتها أدلة كاحتلال «إيران» الجزر الإماراتية الثلاث، ومحاولة اغتيال الشيخ جابر الأحمد الصباح، أمير دولة الكويت، ومخطط اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، إضافة إلى السعي لزعزعة أمن المملكة العربية السعودية خلال مواسم الحج، ودعم المحاولات الانقلابية في مملكة البحرين خلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، وإقامة معسكرات على الأراضي الإيرانية، لتدريب مواطنين خليجيين على أعمال الإرهاب وإسقاط الأنظمة الخليجية، والتمدد في الدول المضطربة، وإثارة النعرات وتأجيج النزعات الطائفية في دول مجلس التعاون الخليجي، والعمل على شق الصف الخليجي من خلال إقامة علاقات مميزة مع بعض دول المجلس دون بعضها الآخر.

وكيف احتل الصفويون جزرا إماراتية، وعبثوا بأمن البحرين، وأداروا خلايا إرهابية في الكويت، وأشعلوا نار الحقد في القطيف، ودعموا بشار، وحكموا بغداد، و«استأجروا» الأفراد من أفغانستان، وساندوا الانقلابيين الحوثيين.

ولذلك، لا يشك عاقل في حقيقة الأطماع الإيرانية للهيمنة السياسية والإستراتيجية على منطقة الخليج العربي، وهذا ما تفسره التدخلات المستمرة لإيران في الشؤون الداخلية لدول الخليج، ومخططها بالسيطرة على المناطق العربية، خصوصا مناطق الحزام الشيعي والخليج العربي، كما حصل في العراق وسورية وجزء من لبنان وفشلت في مناطق أخرى.

والآن، تبذل إيران كل ما بوسعها لسنوات من أجل أن يكون لها حضور في منطقة البحر الأحمر، وفي حالة ما إذا سيطر الحوثيون على السلطة في اليمن فإن ذلك قد يشكل معقلاً إيرانياً واسع النطاق في المستقبل وستكون لها حركة حيوية بين أوروبا والشرق الأقصى.

فقد استخدم النظام الإيراني حسين الحوثي الشقيق الأكبر لعبدالملك الحوثي الزعيم الحالي لهذا التيار منذ عام 1991، وأسس حسين الحوثي وبمساعدة النظام «حزب الحق» في اليمن، وشارك في الانتخابات التي جرت عام 1993، وأصبح عضوا في البرلمان اليمني. وبحسب خطة النظام الإيراني لم يدخل هذا التيار في مواجهة الحكومة (الدكتور/صافي الياسري: إيران أسست لاستعمار اليمن منذ ربع قرن –3 أبريل 2015).

فإيران تراهن كثيرا على الحوثيين، لأنهم أتباعها، وأنهم يحاولون إرجاع الإمامة الزيدية التي حكمت اليمن لغاية عام 1962، وانتهاء المطاف باليمن مع حكم ديني على غرار الموجود في إيران يكون فيه عبدالملك الحوثي مرشداً أعلى كما هو علي الخامنئي في إيران.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف، فقد جمع الحوثيون الزخم كقوة قتالية وكحركة سياسية على حد سواء في السنوات الثلاث الماضية، واستفادوا من الفراغ الأمني الذي أنتجته الاضطرابات في البلاد عام 2011 في سياق الربيع العربي، واستغلوا الجمود السياسي الذي أعقبه.

وقد ظهر ذلك بجلاء عندما سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء والاستيلاء على المؤسسات السلفية الأساسية، إضافة إلى السيطرة على مقرات حزب الإصلاح وجامعة الإمام التي تُعد معقلاً لرجل الدين السلفي المتشدد عبدالمجيد الزنداني، ومقر الفرقة المدرعة الأولى بقيادة اللواء علي محسن الأحمر، وتفجير منازل القادة البارزين.

لم تجد جماعة الحوثي، التي تخوض حربا بالوكالة عن إيران في اليمن، من يرد عليها، بسبب محاولة توسعها في المنطقة إلا المملكة العربية السعودية عندما تدخلت عسكريا لحماية اليمن وشعبه من عدوان تحالف الحوثي وعلي عبدالله صالح، وردع العدوان على مدينة عدن وكافة المناطق في اليمن جنوبه وشماله، من أجل إعادة الشرعية تماشيا مع التأييد الدولي لذلك بالقرار الصادر عن مجلس الأمن رقم (2216) سنة 2015.

وهذا التحرك السعودي جاء في سياق مقاربة جديدة للسياسة الخارجية للمملكة بوصول الملك سلمان إلى الحكم، بغية استعادة دورها في المنطقة والعالم العربي برمته، وأيضا محاولة جدية لتصحيح التوازنات التي اختلت في المنطقة، وتوجيه رسالة واضحة إلى طهران.

فتوسع النفوذ الإيراني في منطقة الخليج العربي، لا يقلق المملكة العربية السعودية فقط، بل ترفضه جميع البلدان العربية الإسلامية، وهو ما قد يفسر دعم العديد منها للسعودية في هذه العملية العسكرية.