شرفت هذا الصيف بلقاء خمسة إخوة كرام من أعضاء سابقين وحاليين في مجلس الشورى الموقر. وبالطبع حين نلتقي، حتماً سيحضر الجدل والنقاش الصاخب حول أداء المجلس وهم جميعاً، وبالتقريب، من يبدأ معي السؤال: كيف ترى المجلس؟ وما هي صورته الذهنية لديك؟ اكتشفت أولاً أن أعضاء مجلس الشورى الكرام على مدار الدورات المتتالية حساسون جداً جداً تجاه أي نقد أو محاولة تقييم لعمل القبة البرلمانية الأعلى، رغم الحقيقة التاريخية أن كل شعوب الأرض دائماً ما تكون لا منقسمة فحسب، بل في الأغلب لا تنظر لبرلماناتها بارتياح أو حتى ربع عين من الرضا. نحن هنا لن نكون استثناء من هذه الحقيقة، وفي صلب إجابتي شبه الوحيدة على سؤالهم البدهي: أنا لم أزر المجلس على الإطلاق، ولم أتعرف على ظروفه وطريقة أدائه وبالتالي سأكون مخطئاً إن بنيت رأياً أو نقداً دون رصيد معرفي شخصي، ولن أقع في خطأ كتاب آخرين زلزلوا زواياهم بمقالات ساخنة لا تستند إلى رصيد تجربة. أنا هنا سأكون مجرد قارئ لانطباع الشارع العام ونبض الناس تجاه المجلس الموقر، وعليه قلت لكل الإخوة الأعضاء الكرام: إما أنكم سيئون جدا جدا وإما أن الذراع الإعلامية للمجلس غير قادرة على الحوار التفاعلي لنقل الحقائق الصحيحة عما يدور تحت القبة إلى الجمهور.

الذي أعرفه جيداً، وللإنصاف، أن المجلس وطوال مسيرته هو من سن كثيراً من القوانين والتشريعات والأنظمة الكبرى، التي أصبحت فيما بعد ركناً مهماً في حياتنا العامة، وهي بالمناسبة بعشرات المئات من هذه الأنظمة. لكن المجلس الموقر، لا في أذرعته الإعلامية ولا بموقعه الإلكتروني، لم يستطع إبراز كل ذلك الجهد بصورة واضحة وفي ركن ثابت من أجل مزيد من التواصل الإيجابي مع الشعب.

 وبدلاً من ذلك فإن المجلس الموقر يبث رسالة سلبية عبر إبرازه نقاش بعض الأفكار التي تبدو لدى الناس ثانوية وهامشية، ما تلبث أن تتحول إلى نكتة شعبوية كبرى تسيء لسمعة المجلس. على سبيل المثال: قوانين وأنظمة الاحتطاب أو الاتفاقية الثقافية مع دولة نائية مغمورة أو مراجعة أداء مصلحة المياه قبل خمس سنوات. هي بالنسبة لي أشياء مهمة وبالتأكيد تقع في صلب عمل المجلس الموقر لكنني لا أفضل نشر نقاشاتها في العلن إلى الجمهور، لأنها تحجب ما هو أهم في القضايا الوطنية الكبرى التي تناقشها لجان المجلس المختلفة.