في عام 2009، غادر جوزيف صادر مقرَّ عمله في مطار رفيق الحريري الدولي - بيروت، وتحديدا في شركة طيران الشرق الأوسط، وعندما وصل إلى طريق المطار الذي يسيطر عليه حزب الله، اعتدى عليه مسلحون وخطفوه فاختفى، ولم يظهر له أي أثر، بعد مرور 9 سنوات على اختفائه الذي وُجِهت أصابع الاتهام فيه إلى حزب الله، فكان السؤال دوما: ماذا يا ترى كان سبب هذه العملية، وما الذي شاهده جوزيف صادر ليتم التحفظ عليه وإخفائه بهذا الشكل؟ وهل ما اطلع عليه من معلومات حساسة تتعلق باغتيال رفيق الحريري، أو تهريب السلاح إلى بيروت عبر المطار، أو غيرها من الأمور المعقدة التي ينفذها حزب الله عبر المطار.

قبل أيام، خرج تقرير إلى العلن في وسائل الإعلام عن سجون حزب الله والفظائع التي تحصل داخلها، وأماكن انتشارها، فكانت هذه التقارير ضربة قاضية جديدة لهذا الحزب، تثبت مرة أخرى أنه يعمل كدولة داخل الدولة، وأنه لا يحترم النظام اللبناني، ولا مؤسسات الدولة اللبنانية وكيانها، وأنه بهذه السجون يخالف حقوق الإنسان والدولة، ويبقى السؤال الأبرز اليوم: هل إلى جانب السجون، يتم تنفيذ أحكام بالإعدام مثلا؟ وكم عدد الذين تم إدخالهم هذه السجون ولم يخرجوا منها أحياء؟ وكيف قام حزب الله بتخدير بعض السوريين ووضعهم في سيارات مفخخة وتفجيرها في الضاحية والبقاع، لاتهام السوريين بالإرهاب، وتشريع قتال الحزب في سورية بحجة حماية لبنان من الإرهاب، الذي هو في الأساس من صنع إيران وحزبها الشيطاني في بيروت.

إن الدولة اللبنانية مطالبة اليوم -أكثر من أي وقت مضى- بالتحرك لتحرير المعتقلين في سجون حزب الله، ومنعه من الاستمرار في هذه التصرفات التي تقوّض أسس الدولة، وتجعلها مزرعة يحكمها ويتحكم فيها دجال إيران في بيروت «حسن نصرالله»، وهذا ما يؤدي إلى كارثة على كل المستويات، في علاقة هذا البلد مع منظمات وجمعيات حقوق الإنسان، والدول الغربية والعربية، فما يحصل داخل سجون حزب الله يُعدّ فضيحة من العيار الثقيل، ستكون لها تداعيات سلبية على صورة لبنان وعلاقاته ومستقبله، وهو الذي يبدو أكثر من أي وقت مضى، أسيرا لمشروع إيران وميليشياتها الإرهابية، كحزب الله.

وبعد أن كشف نجل القيادي السابق في حزب الله، حسن مظلوم، أماكن سجون الميليشيات التي تقع وسط الأسواق والمناطق السكنية، فهل ستتحرك الدولة اللبنانية لتحرير من بداخلها، واستعادة زمام الأمور، أم إنها ستقف عاجزة أمام استباحة الدولة ومؤسساتها وقوانينها، كما تفعل في كل مرة يتعلق الأمر بحزب الله، خصوصا أن علي مظلوم تحدث صراحة عن أماكن هذه السجون، وهو «السجن المركزي في حارة حريك الواقع خلف مستشفى بهمن، في الملجأ التابع لمؤسسة بيضون، وسجن بئر العبد الواقع في مبنى خلف مركز التعاون الإسلامي، مقابل عيادة الدكتور حسن عز الدين، إضافة إلى مركز تحقيق قرب مجمع القائم في الطابق السابع، وسجن في بئر العبد قرب مجمع السيدة زينب، وسجن مجمع المجتبى خلف قناة المنار التابعة للحزب، والذي يشمل زنازين انفرادية وغير انفرادية، تمت إزالة بعضها بعد كشفها على خلفية خطف فتاتين من آل شمص وسجنهما هناك».

المطلوب اليوم من المنظمات الدولية -وبقرار أممي- التحرك بشكل سريع للتحقيق في هذه المخالفات لحقوق الإنسان، وإنقاذ السجناء الذين يتعرضون -حسب علي مظلوم- للضرب والتعذيب بشتى الطرق الجسدية والنفسية، ومنها حرمانهم من الطعام فترات طويلة، ومنعهم من التواصل مع الخارج، وحرمانهم من رؤية ضوء الشمس حتى أصبح بعضهم لا يعرف ليله من نهاره، وهو قابع في غرفة لا تزيد مساحتها عن متر وعرضها متر.

في النهاية، يبقى السؤال لمن يهمه الأمر: أين الدولة اللبنانية أو ما تبقى منها؟ ومتى يُحاسَب هذا الحزب الإرهابي على ما ارتكبه ويرتكبه من فظاعات؟.