الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة ودعائمه العظام الواجبة على القادر بماله وبدنه لقول الله سبحانه: ?ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين)، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة، قال: خطبنا رسول الله فقال: (أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا)، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثا، فقال رسول الله: (لو قلت نعم لوجبت، ولَمَا استطعتم)....وأما العمرة فهي من أفضل الشعائر وأتمها، وفيها قال المصطفى صلى الله عليه وسلم لما سأله جبرائيل عليه السلام عن الإسلام قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج وتعتمر).

تاريخياً، تسييس الحج والعمرة ليس بجديد فالقرامطة قبل ألف عام حاولوا ترويع الناس ومنعهم من الحج حتى أقدموا على سفك دماء الحجاج، وقتل أكثر من 30 ألف حاج، وردم بئر زمزم بالجثث، وانتزع الحجر الأسود من مكانه، وتكررت محاولات تسييس الحج والعمرة بهذا الزمن، وكانت آخر تلك الأمور هي التغريدة البائسة من زعيم الشر الإخواني المدعو بيوسف القرضاوي حين قام مغرداً بتاريخ 18 أغسطس 2018 (لو أن المسلم فقِه أنه حينما يطعم جائعا، أو يداوي مريضا، أو يؤوي مشردا، أو يساهم في مشروع ذي بال، أن هذا أفضل عند الله من الإنفاق على الحج والعمرة كل عام؛ لكان المفروض أن يشعر باللذة الروحية أكثر مما يشعر به حين يحرم ويطوف بالبيت ويقول: «لبيك اللهم لبيك»، ومن ثم أكمل غيه بتغريدته المنشورة بـ 19 أغسطس 2018 (هذا الحج ليس لله تعالى حاجة فيه)، وبالرجوع للتاريخ (الذي لا يكذب) فهذا ينافي تغريدته المنشورة بتاريخ 15-9-2019 حينما قال (‏الأحوط للمسلم إذا قدر على#الحج? ولم يكن عنده ظروف تمنعه أن يبادر به كما جاء في الحديث «تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له)، وإني أكاد أن أجزم أن (أبليس) قد صدم من ذلك التناقض بين التغريدات.

للقرضاوي تاريخ حافل في تسييس الدين وتطويعه لتحقيق مكتسبات سياسية، ولعل الفتاوى الأشهر للقرضاوي كانت في 2013 حين حرض القرضاوي في برنامج الشريعة والحياة على قناة الجزيرة على قتل كل من يتظاهر ضد الرئيس المعزول محمد مرسي، قائلًا: إذا لم يكف الخارج عن الحاكم فالأصل هو قتله، منافياً (لجميع الأعراف الدولية) (وأخلاق الإسلام) و(حرمة دم المسلم) إلا بسبب، وقد أباح «القرضاوي» قتل الجنود المصريين في سلسلة من الفتاوى التي أصدرها عقب ثورة الشعب المصري في 30 يونيو 2013، واصفًا تعامل الجيش الإسرائيلي مع الفلسطينيين بأنه أكثر إنسانية من تعامل الجيش المصري مع الإخوان، بالإضافة إلى فتواه وتحريضه بالامتناع عن التجنيد في الجيش المصري، فالإسلام دين المحبة والرحمة لم يدعُ للقتل من أجل مظاهرة أو خلاف سياسي، ولكن تلك أخلاقهم وتحريفهم للدين القويم.

ومن شطحات القرضاوي الشهيرة تحريمه المشاركة بالانتخابات المصرية لعام 2014 ووصف المشارك فيها بالإثم، رغم دعمه الكبير جداً خلال الانتخابات الرئاسية التركية الماضية حينما دعا لدعم إردوغان، حيث زعم حينها أن من لم يشارك في تلك الانتخابات يعد آثمًا، ووصلت إلى حد قوله إن جبريل والملائكة يدعمون إردوغان، فهو يتقلب في فتاواه حسب رغباته السياسية وأهوائه الدنيوية.

خليجياً لم يخرج رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بأي تصريح أو استنكار خجول أو حتى تغريدة باهتة تنتقد التطبيع (القطري) مع إسرائيل حتى في خضم الأحداث وحصار غزة وقتل أهلها، ولا نستغرب ذلك لأنه النظام القطري هو الممول لتلك الفتاوى المدفوعة الثمن بالعملة المحلية، عربياً كانت فتاوى ذلك الشيخ (الخرف) سبباً في إحراق الحرث والنسل وتدمير العباد والبلاد بمسرحية (الجحيم العربي) الذي قضى على نصف بلاد العرب، وهجر وشرد أهلها، حيث أشارت الأرقام الدولية إلى أن الحرب في سورية المستمرة تسببت حتى الآن بتشريد أكثر من 11 مليون سوري، داخل البلاد وخارجها غير ملايين القتلى والمشردين بعد ثورات ليبيا ومصر واليمن.

لا أعلم ما هو سبب تلك التغريدات، هل هو (ذهب) قطري تم ضخه بـ (تلفون) العملة الإخواني أم هو (خرف) بسبب التقدم بالعمر؟ أم جميع ما سبق؟، ولكني أعلم يقيناً أن المسلمين أصبحوا أكثر وعياً ولا تحركهم ثقافة (التحريض)، وليسوا من (زوجات) السلطان أو (قطيع) الإخوان.