أدى انهيار الليرة التركية، التي انخفضت قيمتها إلى الثلث في الشهر الجاري، إلى تآكل رأس مال المصارف التركية، وإلى تهديدها بموجة من حالات الإفلاس.

فقد انتشرت الأزمة إلى ما وراء تركيا، وأصابت الأسواق الناشئة الأخرى التي سحبت أسهمها من لندن ونيويورك.

وتسممت علاقة أنقرة بواشنطن، التي وصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان سياستها الاقتصادية بأنها «مؤامرة خرقاء»، مثيرة لفوضى تهدف إلى انهيار بلاده اقتصاديا.

بيد أن جذور انهيار الليرة تكمُن في سياسات رئيس الدولة الذي يدير اقتصادها الساخن كي يُحظى بدعم شعبي ليفوز بالأصوات في الانتخابات.

وبفضل القبول على البناء الذي قامت به الشركات القريبة من الحكومة، توسَّع اقتصاد تركيا البالغ 880 مليار دولار بمتوسط سنوي بلغ 6.8% خلال هذا العقد.

لقد حول ازدهار البناء الأفق التاريخي لإسطنبول إلى موقع بناء مترامي الأطراف. فالمساجد والجسور والطرق ومراكز التسوُّق الجديدة تغذي صناعة البناء التي تُشكِّل ما يقرب من 10% من الناتج المحلي الإجمالي.

فمنذ عام 2001، تجاوزت واردات مواد البناء والسلع الأخرى صادرات تركيا بشكل مزمن، وارتفع عجز الحساب الجاري «الذي يحسب صافي التجارة والدخل من الخارج والتحويلات الجارية» إلى 50.2 مليار دولار.

وبدأت الديون تتراكم في أماكن أخرى في الاقتصاد أيضا. فكل من الحكومة والبنوك وأصحاب المصانع والمطاعم والعقارات كانوا يلجؤون إلى الائتمان الرخيص من الخارج، لتصل قيمته إلى 460 مليار دولار، أي أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي لتركيا.

الآن، فإن بعض أصحاب الديون محكوم عليهم بالفشل. قال لي الخبير الاقتصادي في جامعة بيلكنت في أنقرة، ريفت جوركيناك «نحن نعترف بأن بعض الشركات مُتعسرة وبعضها فاقد السيولة». ويرى أن هنالك أوجه شبه بين أزمة تركيا الاقتصادية وأزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة عام 2007.

وأضاف «نحن نرى بالفعل أن الائتمان قد جُمِّد وأن البنوك لا تقدم قروضا».

وإنني أرى حركة الأعمال التجارية تتجه نحو التوقف، إذ يشكو كثير من أصحاب الأعمال من توقف استلام بعض المنتجات الغذائية، لأن المنتجين يطالبون بمبالغ الشراء مقدما لتلبية متطلباتهم. وفي هذه الأثناء، كان نصف محطات توليد الطاقة الكهربائية في الأسبوع الماضي بلا عمل، إذ أدى انخفاض الليرة إلى ارتفاع تكلفة الغاز الطبيعي.


آيلا جان ياكلي*

*كاتبة صحفية تغطي أخبار تركيا - مجلة (فورين بولسي) - الأميركية