القيل والقال... طبع سام.. من ينقل إليك سينقل عنك.. النميمة، القيل والقال، نقل الكلام، نشر الشائعة، هي جميعا تعني أن جليسك سام الطبع،

لديه أنانية وحب الذات ونفايات، فلا تكن أذناك «برميل قمامة» لقاذورات أفكاره!

ولكن لو ألقيت نظرة عميقة على مجلسك، ستدرك أن «نقل الكلام» أصبح مهارة اجتماعية، فصاحبها لديه جماعات من الرفاق، أي العديد من العلاقات وربما فريق الضغط المؤثر في أي قرار، ياللعجب!

لذا يا عزيزي لا تستهين بصاحب «القمامة» أبدا، تعلم منه مهارات الإقناع، وتمثيل المصالح، وكيف يعمل مع بقية أصحابه للتأثير على جماعات أو قرارات أو سياسات المكان الذي يتواجد به. لن أطلب منك أن تكون «سلة الشوائب»، ولكن صدق أو لا تصدق قد يكون هذا النوع من البشر شخصا عالي الاحتراف فيما يقوم به.

كم يحزنني أن أخبرك بأن الصدق والبر في بعض المقامات هي تذكرتك للعزلة الاجتماعية، بينما الإفساد والدجل هما سبب توطد بعض الروابط وصك التأمين للتصويت على المصالح.

أعلم جيدا مدى استيائك لما تقرأ الآن!

أرجوك لا تبني استراتيجياتك الاجتماعية جميعها مستندا لشاعرك «ابن نباته» الذي قال:

يقول محتجاً إذا لمته ***** لا يدخل الجنة نمام

فهو مجرد شاعر يتكلم بالكلام الموزون.. لديه حدسه ومنطقه وعقله الذي يتناسب مع عصره.. وأنت الآن في حقبة من الدهر فيها متناقضات وأذواق تغايرت وتفاوتت.. فلا تتشبث كثيرا «بقوت الأموات»..

أنا لا أطلب منك التخلي عن قيمك وفضائلك الدينية والخلقية والاجتماعية! ولكنني أحاول ترميم خيبات أملك في البعض وأكشف لك لماذا يضحك صاحبك أحيانا بصوت عال ليلفت انتباه جميع من في مجلسه بينما «يذكر غائبا» بتضليل وافتراء.

«القيل والقال» هي مجرد طريقة للتواصل بين الأشخاص، والبعض لا يحسن سوى هذه الطريقة، والعديد من الباحثين وجدوا لو تحدث شخصان بسوء عن شخص ثالث فهناك نوع من التقارب والألفة تحدث بينهما أكثر من التقارب الذي سيحدث بينهما لو مدحوا ذات الشخص! جنون العلم أعلم ذلك.

«الغمز والتحرش» تشعران البعض بالرضا عن أنفسهم، فلو سمع ونشر إخفاق أحدهم وسقوطه وعجزه، فهذا هو ترياقه لهزائمه.

ألحت العلة إلحاحا على *** حنجرتي هل من علاج ناجع

أيرجع العهد الذي يجري به*** قولي هنيئا في فؤاد السامع

نعم.. نعم يا شاعرالعصرالحديث، جبران خليل جبران، كم هو حكيم قولك..

فكل حنجرة تكثر الكلام عن ما ضاع منها!

نشر الشائعات ذاتها يجعل بعض الأصدقاء أفضل!، فعندما يكون هناك ثلة أشخاص لديهم أنانية، وانخفاض في تقدير الذات، تلفظهم الكوكبة الصالحة، ثم يجتمع جميع المنبوذين، تلقائيا لتكوين صداقات وإصلاح ذواتهم المتهشمة، فينتهي بهم المطاف في نفس الدرجة، وهذه طريقتهم في الابتهاج والنشوة! ولسان حالهم يردد ما قاله الشاعر العراقي بدر شاكر السياب:

كم من ردى في حياة وانخذال ردى *** في ميته وانتصار جاء خذلانا

التضليل والخداع وسيلة البعض للحماية الذاتية! فهي تثير القلق لمن يخالطهما وبعض الدراسات العلمية تدل على أن معدل ضربات القلب تزيد عندما نقترب من أشخاص يتصرفون بدناءة!

خلاصة القول: كن كما تريد.. وامض في حياتك مبتسما للعالم ولو كان ليس على طريقتك.. ولكن مازلت أطالبك بأن تتشبث بأليف نزيه ولو كان في طريق معتم بدلا من شخص سفيه في مسار لامع.