ونستمر مع «الفحل» المعتز بذكورته، حين ينتقص المرأة ويعرضها كسلعة بقوله «نسوان بدالهم نسوان» ومع أمثاله.

البعض يكرر نحن نكرم المرأة، والإسلام كرم المرأة و.. و.. و..، ومع ذلك تجد ممارسات على أرض الواقع لا تدل أبدا على أي تكريم، ومن أمثلة ذلك:

 الحلف بالطلاق وكأن الزواج لعبة ومسرحية تنتهي بقسم لا يُبر، بسبب وليمة أو ما شابه.

 ترديد عبارات تعشش في العقل الباطن، وتحمل مضامين مهينة جدا للمرأة «نسوان بدالهم نسوان، ال...»

 إجبار الفتاة على الزواج ممن لا ترغبه

 عضل البنات عن الزواج ممن ترغبه وتهواه نفسها، أو الخاطب الصالح عموما، لأسباب جاهلية أو مادية

 جعل بعضهم بناته وكأنهن هدية يعبّر بها عن كرمه أو امتنانه لأحدهم، ورغبته في التودد إليه

 حرمان بعضهم أخواته من ميراثهن من الأب، وأحيانا يحرم بعض الآباء بناته من الميراث عن طريق التحايل، بحجة عدم خروج العقار أو الشركات أو الأموال والممتلكات خارج العائلة «للبنات وأزواجهن بالتبعية».

 منع الفتيات من العمل أو الدراسة، بحجة عدم حاجتها إلى ذلك، أو زعما أن ذلك سبب تمردها أو خروجها عن سيطرة الأهل

 الاستيلاء على رواتب الزوجات أو البنات دون وجه حق، وأحيانا بحجج يتم شرعنتها

 التعدد الذي يمارسه بعض الأزواج رغم عدم قدرته المادية أو الجسدية، ودون سبب حقيقي لذلك، وقد يترك بعض زوجاته كالمعلقة

 التضييق على المطلقات واعتبار طلاقهن عارا يستوجب الحبس في المنزل

 التعنيف المعنوي أو الجسدي للفتيات، بغرض تعويدهن الانكسار أو الانصياع، وانعدام الرأي والشخصية

وغيرها كثير وكثير. لا أدّعي أبدا أن كل أفراد المجتمع كذلك، لكن لا يمكن أبدا إنكار وجود عدد لا يستهان به يقوم بذلك.

نعم، الإسلام كرّم المرأة، لكن تطبيق المسلمين أهانها، وجمود الفتاوى في أحوال المرأة في حالات كثيرة سلب كثيرا من حقوقها، مما سبب تشويها كبيرا للدين قبل أن يكون للمجتمع.

الإسلام حفظ حقوق المرأة، لكن نحتاج إلى قوانين تحوي بنودا تشرح هذه الحقوق تفصيليا، وتضع عقوبات لمن يتعدى عليها.

نعم، الدولة تحاول قدر الإمكان بذل كل ما يمكنها لتحسين وضع النساء، وتمكينهن اقتصاديا واجتماعيا، وحل المعوقات أمام نيلهن حقوقهن، ولا يمكن أن ننكر القفزات الهائلة في الأنظمة الخاصة بالمرأة في بلادنا. لكننا نحتاج بصدق إلى سد أي ثغرة في الأنظمة، ومنع أي تحايل عليها من بعضهم.

وحقيقةً، أرى أننا بحاجة إلى إعادة تعريف المرأة ودورها وحقوقها وواجباتها في المجتمع، بعيدا عن الموروث الجاهلي الذي ثبت عدم ملاءمته قيم العصر وقيم الإنسانية، بل وقيم الإسلام الحضاري.

بحاجة إلى تكثيف الجهد حتى يتم رفع الوعي حيال ذلك، وبحاجة إلى نقطتين مهمتين لا يمكن بحال الاستغناء عنهما جنبا إلى جنب مع عمليات رفع الوعي المجتمعي، ألا وهما:

أولا: تشريع عقوبات زاجرة وحازمة ضد كل من يحاول عرقلة أي قوانين أو قرارات تم اتخاذها من القيادة، تخدم تمكين المرأة وتمنع وقوع العنف أو الضرر عليها.

ثانيا: تشريع قانون يجرم أي تصرف عنصري يحمل تمييزا جنسيا ضد النساء في حقوق المواطنة أو الحقوق الإنسانية، مثل هذا القانون لو شُرّع لن نجد أشباه الرجال الذين يرون في امتهان النساء مصدرا لتعزيز رجولتهم الزائفة وذكوريتهم المقيتة. كمثال، لن نجد من يجرؤ على تشييء المرأة ولو بالكلمات، كما صدر من أحدهم على العلن بقوله «نسوان بدالهم نسوان»، ولن نجد من يصفق له ويعدّ قوله مضربا للمثل في الرجولة أو الكرم!.

«إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن»، إن سعينا إلى تمكين النساء ليس أمرا إنسانيا حقوقيا وحسب، بل هو أمر شرعي ووطني، فكم من سبة ظالمة نالت الدين والوطن بسبب تصرفات رعناء أضرت بالنساء من بعضهم في مجتمعنا، النساء هن «حسب الإحصاءات الأخيرة» يشكلن نصف المجتمع، ومن المهم كي ينهض هذا المجتمع أن تتعادل كفّتاه.