يقول الخبر إن معالي الدكتور توفيق الربيعة، وزير الصحة أصدر قراره بتكليف مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة نجران مديراً أيضاً لقطاع الشؤون الصحية في منطقة عسير في الوقت نفسه. الأخبار، وكما قرأت، تشير إلى تكليف كفاءة إدارية متميزة أثبتت جدارتها من قبل في كل ما أوكل إليه. لكن قناعتي الخاصة أننا نظلم القطاعين الصحيين في المنطقتين تماماً، مثلما نغرق هذه الكفاءة الجديدة والشابة في وحل وركام المشاكل الهائلة التي يعاني منها في الأصل قطاع منطقة عسير الصحي، الذي وضعته بعض المؤشرات الوطنية، ولسنوات، في ذيل ترتيب كل مناطق المملكة في جودة وكفاءة الخدمات الكمية والنوعية. هذه المؤشرات موجودة ويتم تحديثها دورياً مثلما يتم نشرها في أقنية الإعلام المختلفة. المسافة وحدها ما بين مكتبي اختصاص هذا الشاب القادم تزيد على 300 كم، وهي سابقة وطنية في بلد لا يفتقر للكفاءات المؤهلة والقادرة.

نحن هنا يا معالي الوزير أمام استنساخ جديد لما أستطيع أن أسميه بالخطأ الإداري في نقاشنا لتبعات قرار سابق. فقبل أكثر من عامين تم تكليف المشرف على مدينة الملك عبدالله بمكة المكرمة للإشراف أيضاً على مدينة الملك فيصل الطبية بعسير، ومن يومها ونحن نعرف أن هذه المدينة في حالة موت سريري مكتمل بمبنى أسمنتي واحد وعار من كل شيء، لم تضف إليه طوبة واحدة على أشهر شوارع المدينة. الكل يعرف أن المشرف على هذه المدينة لا يأتي إلى أبها سوى سويعات معدودة في العام الواحد، وقد يكون له العذر لأنه مشغول بمسؤولية مدينة طبية أخرى تعمل بالفعل، وهي وحدها تستحق منه أن يتفرغ لتلك المهمة. وأنا هنا لا أناقش أبداً كفاءة وإخلاص هؤلاء الأشخاص بقدر ما أطرح السؤال: هل انعدمت الكفاءات الوطنية إلى الحد الذي نكلف فيه الفرد الواحد بإدارة قطاعين صحيين، وآخر بمدينتين طبيتين في منطقتين لهما مشاكلهما الصحية الكوارثية، التي تحتاج إلى تفرغ تام وتركيز استثنائي؟

ما فعله المشرف «المزدوج» على المدينة الطبية بعسير ليس بأكثر من إيقاف توظيف الكوادر الطبية، ومنذ عامين، لأنه غير متأكد أنها سترى النور في الأصل، وهو محق في ذلك لأنها لن ترى النور كما تظهر كل الحيثيات والدلائل. وكل كوادرها التي تعمل في بقية مشافي المنطقة لا تتجاوز مئتي طبيب وفني وإداري، وبالكاد يستطيع هذا العدد إدارة مستوصف، فما بالك بمستقبل مدينة طبية. في الفم.... حلوى.... وفي القلب لوعة.