دخلت إيران إلى سورية وكان هدفها ومشروعها واضحا تماما، ولم يكن إنقاذ النظام السوري إلا شماعة استخدمها الإيراني للدخول بكل قواته وميليشياته إلى هناك، ولكن الهدف الحقيقي لهذا الوجود كان تصدير الثورة الإيرانية، ونشر التشيّع، والتسبب في شرخ كبير بين السنة والشيعة في الشرق الأوسط، وغيرها من الأسباب التي يرى الفقيه أنها ستعجّل بقدوم المهدي ليخلص العالم من الطغاة كما يدّعون.

اليوم، وبعد 7 سنوات على دخول قوات إيران وميليشياتها سورية، أصبحت الأمور أكثر تعقيدا، ولم يأت المهدي، ولم تحقق إيران كل أهدافها، بل -على العكس- خسرت كل ما حاولت تأسيسه في سورية في يوم وليلة، عندما قرر الإسرائيلي استهداف قواعدها وقواتها هناك، وتحركت الإدارة الأميركية، وانسحبت من الاتفاق النووي وبدأت بفرض العقوبات لخنق النظام الإيراني، ووقف تمويله للإرهاب، والضغط عليه للبدء بمناقشة رفع اتفاق نووي جديد يمنع إيران من تمويل الإرهاب والاستثمار فيه، ويوقف برنامجها للصواريخ.

إن النظام الإيراني الذي بدأ يواجه ضغوطات داخلية، إضافة إلى تلك الخارجية، لم يعد باستطاعته الصمود طويلا، خصوصا أن أوراق التوت بدأت تتساقط عنه وتعرّيه، فها هو يخسر العراق، شعبيا وسياسيا وعسكريا، وفي اليمن يتلقى الضربات من قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

أما في سورية، فقوات التحالف الدولي والإسرائيلي وفصائل المقاومة لا ترحم هذا النظام وميليشياته هناك، وفي لبنان لم تُشكَّل الحكومة التي ينتظرها الإيراني، وبشار الأسد ساقط -ولو بعد حين- فماذا تبقى لإيران وأحلام قياداتها؟

مستقبل إيران في سورية يشبه -إلى حد بعيد- ماضي القذافي في ليبيا، فبعد سنوات من فرضه السيطرة على الدولة ومؤسساتها، إلا أنه في لمح البصر تحوّل إلى هارب ثم قتيل سقط على يد الشعب الذي رفض سياساته وقمعه لليبيين، وكذلك الأمر بالنسبة للنظام الإيراني داخل إيران وخارجها، ففي الداخل زاد التململ، وأصبحت الأحوال الاقتصادية سيئة للغاية، وأحوال أكثر من نصف الشعب الإيراني إلى ما دون خط الفقر، وتشرد كثير منهم، ومات من مات في الحروب وتجارات وتعاطي المخدرات، وزادت أموال الخامنئي وحرسه الثوري، مقابل ازدياد في الفقر والإحباط لدى الشعب الإيراني.

أما خارج إيران، فالعراق -شعبا وحكومة- خرجوا عن طاعة الولي السفيه، وقالوا له كفى استغلالا لنا باسم الطائفية، كفى تحريضا على الاقتتال الطائفي، وكفى تجويعا لنا وتعطيشا لشعبنا، لأنه رفضكم، ولأنه في الأصل عربي، وأنتم أكثر من يحقد على العرب حتى لو كانوا شيعة.

اليوم، أصبحت الأمور أكثر وضوحا، وأصبح الصراع إيرانيا - إيرانيا في بعض المناطق داخل إيران، وشيعيا - شيعيا في بعض المدن العراقية واللبنانية، وكل ذلك بسبب سياسات ولاية الفقيه الإرهابية، لصاحبها الدجال الأكبر خامنئي، الذي تسبب في مجازر كبيرة في عالمنا العربي والإسلامي، وتسبب في ضياع عشرات الآلاف من الشباب والشابات، الذين ضحوا كثيرا لخدمة هذا النظام الذي حولهم إلى مرتزقة ووقود في محارقه التي لم تنته، وها هو اليوم يعاني ردّات الفعل الغاضبة منه ومن سياساته، ونفاقه باسم الحسين «رضي الله عنه».

اليوم، وبعد 8 سنوات من الحرب السورية، أستطيع أن أؤكد أن مستقبل إيران أصبح في دوامة الخطر والموت المحدق بهذا النظام وولاية السفيه الخامنئي الرجيم، وكل الميليشيات الإرهابية التي غدرت بمحيطها العربي، دون أي مقابل أو تأمين للمستقبل الذي انتهى قبل أن يبدأ.