بعد مرور ثلاث سنوات على ذروة أزمة اللاجئين الأوروبيين، لا تزال سياسة الاتحاد الأوروبي الخاصة بالهجرة واللجوء في حالة فوضى تامة. وفي يوليو الماضي، حذَّر مسؤولون يونانيون من أنهم غير قادرين على التعامل مع عشرات الآلاف من المهاجرين المحتجزين في جزر بحر إيجه. وقد قامت الحكومة اليمينية الجديدة في إيطاليا بتحويل سفن الإنقاذ المحملة بمئات اللاجئين بعيدا عن موانئها، تاركينها في البحر المتوسط بحثا عن ميناء صديق. وعرضت إسبانيا قبول إحدى السفن العالقة في البحر، ولكن سرعان ما رفضت بعد ذلك واحدة أخرى.

لكن وراء الكواليس، كان القادة الأوروبيون يعملون بالتنسيق لمنع حدوث ارتفاع مفاجئ في عدد الوافدين، خاصة من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وتتمثل إستراتيجيتهم في مساعدة المهاجرين المحتملين قبل أن يتوجهوا إلى أوروبا، عن طريق ضخ الأموال والمساعدات الفنية للدول الواقعة على طول ممرات المهاجرين الرئيسية في إفريقيا. وانبثقت الفكرة من اتفاق تم التوصل إليه في قمة بروكسل في يونيو الماضي، لإحداث «تحول اجتماعي اقتصادي كبير» يحد من رغبة الناس في مغادرة بلدانهم سعيا لحياة أفضل. ومع ذلك، فإن خطط الاتحاد الأوروبي تتجاهل حقيقة أن التنمية الاقتصادية في البلدان المنخفضة الدخل لا تقلل من الهجرة، بل تشجعها. ولمواجهة هذه الحقيقة، يتعيَّن على الاتحاد الأوروبي الاعتماد بشكل متزايد على دفع أموال إلى المُهربين والأنظمة الأوتوقراطية والميليشيات مقابل الحد من تدفق المهاجرين - مما يزيد من سوء حالة عدم الاستقرار التي دفعت الكثيرين إلى الرحيل.

كيف وصلنا إلى هذا الحال؟ من نواح عديدة، ما زال القادة الأوروبيون يتصارعون مع تأثير أزمة اللاجئين التي هزَّت المنطقة منذ عام 2015، عندما وصلت أعداد قياسية من الناس إلى اليونان وإيطاليا وإسبانيا بعد عبورهم البحر الأبيض المتوسط في قوارب متهالكة. قفز عدد المهاجرين إلى أوروبا من 60 ألفا عام 2010 إلى 280 ألفا عام 2014، ثم إلى أكثر من مليون في عام 2015. وفي عامي 2014 و2015 لقي أكثر من 7000 مهاجر حتفهم أثناء رحلاتهم المحفوفة بالمخاطر عبر البحر، مما جعل بابا الفاتيكان فرانسيس يصف البحر الأبيض المتوسط بأنه «مقبرة شاسعة». لقد سعى حوالي 80% من القادمين الجدد للحماية من النزاعات في الشرق الأوسط، علما بأن هناك جماعات من وسط إفريقيا والقرن الإفريقي وبلدان مثل غامبيا ونيجيريا والسنغال، حاول معظمهم الهجرة إلى دول أوروبا بدون تأشيرة دخول.

وباختصار، سيستمر إرث الاستعمار والحُكم الضعيف وسياسات المعونة المضللة في دفع الأفارقة إلى التحرك نحو المستقبل المنظور. وطالما أن المكاسب المحتملة بين أوروبا وإفريقيا تختلف اختلافا هائلا، فإن البعض سيتجه شمالا، وحتى إذا لم ترتفع نسبة الأفارقة الذين يتنقلون، فإن عددهم المطلق سيزداد.

في غضون ذلك، يجب على قادة الاتحاد الأوروبي أن يكونوا حذرين فيما يرغبون. وينبغي أن تخصص جهودهم بشكل أفضل لإنشاء قنوات قانونية وإنسانية كبيرة للهجرة الإفريقية، على أن تشمل برامج تلك القنوات هجرة عمالة موسَّعة بشكل كبير، ومنح فرص للطلاب، وأخرى للتدريب، ونظاما موثوقا لقرعة التأشيرة لتشجيع الناس على تأمين المستندات قبل مغادرة بلدانهم. ونظرا لشيخوخة سكان أوروبا، فقد تكون هذه الجهود مفيدة لكلتا القارتين. وإذا لم يفعل القادة الأوروبيون ذلك لمصلحة إفريقيا، فربما يفعلونه لمصلحة أوروبا نفسها.


لورين ب. لانداو*

 *مدير المركز الإفريقي للهجرة والمجتمع -

مجلة (فورين أفيرس) – الأميركية