«في أفضل حالاته، الإنسان أنبل من جميع الحيوانات، لكن لو انفصل عن القانون والعدل يصبح أسوأ منهم» أرسطو.

صراحة، ليس من عادتي أن أبدأ بعنوان هجومي بهذا الشكل، لكن أجدني مضطرا إلى هذا الأمر، لأن الأمور زادت عن حدها بشكل مستفز لكل القيم الاجتماعية والإنسانية. نحن في بلد أنعم الله عليه بالخيرات، وربما من سافر حول العالم يجد ميزة معينة في السعودية. إنها تحوي تنوعا غذائيا عالميا، جميع أنواع المطاعم والمطابخ من شرق الأرض وغربها، فيها ما لذّ وطاب من الأكل والخيرات والفاكهة والحلويات، وتأتي جماعة لا أعرف سببا واحدا مقنعا وتستفز الناس بمشاهد وحشية لأكل الضباع والنيص! شيء لا تستطيع أن تجد له تفسيرا إلا أنه عبث في الطبيعة.

البعض -رغم تراكم الخيرات والمشويات والمقبلات بجميع أنواعها- تجده في عز «الظهاري والقايلة» يطارد الضبان في الصحاري، ويصطاد ويقتل منها المئات، كأن بينه وبينها عداوة، أو كأنه في مجاعة رغم الخير الوفير، «وش الله حادك يا أخوي!»، وفي الأخير قد يأكل البعض ويترك المئات.

الضب المسكين في جحره وفي حاله، ويبعد عنك مئات الكيلومترات في الصحراء، وليس مؤذيك بشيء وتذهب للحاق به «بعز القوايل» ليس لجوع أو حاجة، فقط لغرض نفسي غريب! من المؤذي والمتهور في هذه الصورة؟!

الاتزان الطبيعي تدمر في طبيعة المملكة، تجد أن هيئة الحياة الفطرية تصرف الجهد والوقت والمال لتربية الحيوانات المعرضة للانقراض بسبب الصيد الجائر، ومجهود سنوات من العمل الجاد، ويأتي أحد المتهورين في لحظة كي يصطاد الغزلان أو غيرها بأعداد كبيرة، من باب الهياط والتصوير، ما هذا السفه؟!

هناك حملة متهورة ومتوحشة على الطيور في المملكة والطيور المهاجرة، صيد أكثر من جائر بالملايين، من باب التصوير والهياط، واستخدام التكنولوجيا الحديثة لأهداف تعدّ شريرة في حق توازن الحياة الفطرية وتوازن الطبيعة.

الله بقدرته خلق توازنا عجيبا متقنا، لكل حيوان دور يؤديه في الطبيعة، هذه الطيور المهاجرة تأكل الحشرات الضارة وتنشر البذور، وتحمي الغطاء النباتي، كل له دور في دورة الطبيعة، ويأتي أحدهم بكل غطرسة ليقتل آلاف الطيور، ويتصور جانبها.

تشعر في بعض المرات كأن هناك عملا شبه مقصود لإبادة الطبيعة في المملكة، بعض الحطابين يقطعون الأشجار بشكل همجي، ويدمرون الغطاء النباتي، وهذا زاد نسبة الغبار والعواصف الرملية، وهناك من يصيد الطيور الزائرة والمهاجرة بكل الطرق، حتى الإناث منها، كأنه يريد قطع نسلها.

معروف عند الصيادين المحترفين أنهم يتجنبون صيد الإناث والصغار، بينما بعض صيادي الغفلة لدينا يصيدون حتى الطيور التي لا تؤكل أو المنهي صيدها.

أما الحيوانات الأرضية، فحدّث ولا حرج، تجد عدة سيارات دفع رباعي ومجموعة كلاب وتصوير وحتى ربما طائرات بدون طيار، كلها تلاحق أرنبا أو ضبّا.

سابقا، كنا نتندّر على بعض الجماعات أنها تأكل كل شيء يمشي، الآن بعض ربعنا ربما يأكل غالب الأشياء التي تمشي، نيص وقنفذ........ إلخ!

لا أحد يتحجج بالعادات والتقاليد، فكاتب هذه السطور بدوي، بل إن بعض البدو القدماء كانوا يسمون «معشي الذيب»، كانوا هم يكرمون ويعشون الحيوانات، كان أجداد البدو يحترمون الحيوانات ويحافظون على التوازن الطبيعي، ولا يصيدون ما لا يأكلون أبدا.

للأسف، إن البعض الحاليين عنده مركّب نقص، يحاول أن يجد لنفسه أعذارا لهذه الأعمال الشائنة، البعض يتحجج بحجج واهية، يا أخي إذا كنت تعاني مشكلات صحية، اذهب إلى أقرب طبيب يعطيك دواء أكثر فاعلية بألف مرة من أن تمارس رجولتك بقتل تلك الحيوانات.

ولا أحد يأتي ليقول إن الدين أحلّ أكل هذه الحيوانات. نعم، نعلم ذلك لكن الدين الإسلامي دين وسطي، لم يأمرك بأن تفعل مجزرة بالحيوانات، ولا تأكل ولو جزءا منها.

«الإنسان أكثر خطرا من الحيوانات لأن الحيوانات لا تقتل إلا إذا جاعت أو أحست بخطر، بينما الإنسان يقتل وهو شبعان» بتصرف.

ملاحظة مستقلة «نشكر أمانات المدن على الاستجابة للمشروع الذي طالبنا به وكتبنا عنه وهو تشجير المدن، الآن يستطيع صاحب البيت الطلب «أونلاين» شجيرات من الأمانات كي يغرسها أمام بيته، نتمنى أن نصل إلى عدد 7 ملايين شجرة جديدة بالرياض قريبا أي شجرة لكل شخص، وسعدنا أيضا ببداية تدوير مياه الوضوء لتشجير المساجد، رغم أن العدد قليل جدا، ونتمنى أن يتوسع فنحن لدينا ما يقارب من مئة ألف مسجد في المملكة».