يُعدّ المتحف الوطني البرازيلي الذي شب فيه الحريق الأسبوع الماضي، من أكبر متاحف التاريخ الطبيعي والأنثروبولوجي في أميركا اللاتينية، إذ يحوي أكثر من 20 مليون قطعة أثرية و530 ألف كتاب، وتمثل عينات القطع الأثرية التنوع الاجتماعي والبيولوجي للبرازيل والعالم كافة.

ويُعدّ كثير من العناصر التي يحتويها المتحف فريدة من نوعها: المومياوات المصرية النادرة للغاية، وبعض أقدم بقايا البشر في الأميركتين، والمجموعات الثقافية للشعوب الأصلية، وكنوز إفريقية، مثل عرش الملك أداندوزان من داهومي، ومنحوتات عاجية إفريقية نادرة. وكانت هناك أيضا مجموعات من المرجان والأسماك والثدييات، والحشرات والطيور والزواحف التي انقرضت الآن.

تم استخدام المتحف من أشخاص من مختلف الجنسيات، من طلاب المدارس العامة التي تعاني نقص الأموال، إلى الباحثين العلميين من الطراز العالمي.

كان المتحف أيضا مركزا للتعليم من الدرجة الأولى، إذ قام بتدريس طلاب الدراسات العليا في كثيرمن التخصصات.

لقد احتفل برنامج الأنثروبولوجيا، الذي كُنت في السابق مديرا له، بالذكرى الـ50 هذا العام، وهو معروف عالميا بتميُّزه.

وبالنسبة للشعوب الأصلية في البرازيل، التي دمَّرها الاستعمار والإبادة الجماعية، وللبرازيليين الأفارقة الذين جُلب أجدادهم بالسلاسل، كان المتحف حلقة وصل ملموسة في الماضي، وموردا لبناء مستقبل أفضل.

وكان ينظر إلى المتحف الوطني وباحثيه على أنهم حلفاء في مشاريع ساعدت الشعب البرازيلي المضطهد تقليديا على حماية تراثه، وبناء عالم أفضل لأجياله.

وخلال العمل مع مجموعات السكان الأصليين، أنتج قسم الأنثروبولوجيا في المتحف مقاطع فيديو وأقراصا مضغوطة، توثق الممارسات الثقافية والموسيقى الإفريقية البرازيلية والأصلية. وقام المتحف بتدريب المتخصصين في مجال التصوير ومنتجي الفيديو المحليين، الذين يعملون معهم لبناء مراكز التراث المحلي، مثل «متحف ماجوتا» في الجزء العلوي من سوليموس و«مركز كويكور»، وفي قرية إيباتس على نهر زينجو العلوي. وساعد علماء الأنثروبولوجيا في المتحف السكان الأصليين والجماعات البرازيلية الإفريقية في توثيق أراضيهم، ومسح خرائطها ومسح أراضيهم. وعمل على استرداد وتعليم ألسنة مفقودة أو ضائعة تقريبا.

والأهم من ذلك، أنه في كثير من برامج الدراسات العليا، استخدم المتحف سياسات العمل الإيجابي لتوظيف البرازيليين الأصليين والأفارقة من المجتمعات التقليدية. لقد درّبهم كعلماء يعملون على البحث والتفكير مع شعوبهم في مجتمعاتهم المعاصرة، وكيف كانوا يتحولون باستمرار وبشكل ديناميكي.

نواجه الآن مهمة بناء متحف جديد خالٍ من التفكير الاستعماري الداخلي والخارجي. يجب أن نفعل ذلك لحلفائنا الحقيقيين: علماء العالم الذين يسعون إلى المعرفة والحفاظ على ثراء وتنوع البشرية في الكرة الأرضية، والأهم من ذلك الشعوب الأصلية والأقليات في البرازيل والعالم، التي تكافح للاعتراف بحقوقها وهوياتها.

ويطالب شركاؤنا المحليُّون بأن نتحدث عن إعادة الإعمار وليس عن الإبادة التي لحقت بهم. وإنهم يحاولون تذكيرنا باستمرار بأهم درس تعلموه على مدار 526 عاما، بأنه يجب أن ننظر إلى المستقبل، وأن نتغير للتنمية والنمو.

وهذه هي استجابتنا، كعلماء وبشر، إلى مجتمع غير متكافئ بشكل مذهل يحيط بنا، وسنعمل على تجاوز مرحلة عدم التكافؤ التي يُعيشها مجتمعنا الآن.

أنطونيو كارلوس دي سوزا ليما*

*أستاذ متخصص في علم الأعراق بالمتحف الوطني في الجامعة الاتحادية بمدينة ريو دي جانيرو البرازيلية – صحيفة (الواشنطن بوست) الأميركية