قبل أيام، تحدث الأمين العام لتنظيم حزب الله الإرهابي -في خطاب موجّه عبر الشاشة «كالمعتاد»- إلى جمهوره، وكان خطابه هذه المرة عن الحسين -رضي الله عنه- فبكى بكاء شديدا، فتحول إلى مادة هزلية يتناقلها البعض، ويتحدثون عنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكان السؤال الأبرز إلى حسن نصرالله -خلال الأيام القليلة الماضية- هو: كيف يبكي الحسينَ الذي قُتِل قبل أكثر من 1300 سنة، ولا يرأف بأطفال سورية الذين قتلهم هو وحليفه الأسد وإيران، دون رحمة أو شفقة؟ كيف يبكي حسن نصرالله، الحسينَ ويتحدث عن مظلومية الحسين، وهو من ظلم السوريين واليمنيين بتآمره عليهم مع إيران والنظام السوري؟.

في كل عام تطلقون تمثيليات على جمهوركم، لشد العصب الطائفي، وتجييشهم للقتال خدمة لمشروعكم المزيف والخبيث الذي يرعاه ولي إيران السفيه، وتبدؤون بالحديث عن الحسين ومظلوميته، وأنتم أبعد ما تكونون عن الحسين وقضيته، وعن ثورته ضد الظلم. فأنتم ظلمتم وشرّدتم وقتلتم وهجّرتم الأبرياء من أرضهم، بحقد وطائفية مقيتتين، وقتلتم الحسين عشرات المرات عندما علت صيحاتكم «لبيك يا حسين»، وأنتم تقتلون الأطفال وتغتصبون النساء، وكأن فيما تفعلون خيرا يعود على الحسين، وهو بريء منكم إلى يوم الدين.

لقد هدمتم جوامع سورية، ولعنتم وشتمتم أصحاب محمد -عليه الصلاة والسلام- في كل شبر من أرض سورية واليمن والعراق، وكل ذلك خدمةً لمشروع ولاية الفقيه، والتسبب في المزيد والمزيد من الشرخ بين المسلمين -سنّة وشيعة- وكنتم الحاضر الأكبر على ساحة الخلافات الطائفية الشيطانية، وكانت خطاباتكم وتحريضاتكم مليئة بالحقد دوما، ولكنكم -وبنفاق ملحوظ- تُلبِسونها ثوب التقوى والدين والحزن على الحسين يوما، وعلى زينب وعلى فاطمة أياما، وألحقتم فلسطين بالقافلة لتصبح شماعة تستخدمونها عندما ينتهي موسم المتاجرة بآل البيت.

إن في حديثكم الدائم عن انتصار الدم على السيف، بمعنى النصر والغلبة، والذي تعدّون أيضا في قاموس عاشوراء لا يقتصر على النصر العسكري وكفى، بل يتعداه إلى إيقاظ الأمة وإحياء القيم وتمجيد الاسم والذكر، والأهم من كل هذا هو العمل بالتكليف، ما هو إلا حديث نفاق وتجنٍّ وتطاول واستهزاء، فأنتم وقفتم مع الظالم في سورية واليمن والعراق ضد المظلوم، أنتم وقفتم مع السيف ضد الدم، وسفكتم هذا الدم وروّعتم الأبرياء، ولم تكونوا لهم عونا، بل كنتم عليهم فرعون حاقدا وقاتلا، كنتم في سورية تقتلونهم فقط لأنهم طالبوا بالحرية والكرامة، وتقفون مع النظام القاتل، وانتقلتم إلى اليمن لتنقلبوا على النظام وتدعموا الميليشيات، فهل في هذا العالم من لا يرى كم أنتم منافقون ومجرمون وتافهون؟! هل يوجد في هذا العالم من لا يرى حقيقة متاجرتكم بدماء الحسين اليوم وكل يوم، وقتلكم الناس باسم الحسين، وكفركم بالإسلام والمسلمين، باسم الإمام الحسين «رضي الله عنه»؟!

أنتم يا حسن نصرالله تجار بقضية آل البيت ومظلومية الحسين، وتأكد أنه لو كان الحسين بن علي -رضي الله عنهما- بيننا اليوم لوقف إلى جانب المملكة العربية السعودية في مواجهتها إيران وميليشياتها الطائفية، ولكان الحسين نفسه قائدا لجيش أوله في بيروت وآخره في السعودية، ليمحو تنظيمكم الإرهابي وأفكاركم الشيطانية عن الوجود، ولكان ثأره للأبرياء في سورية واليمن والعراق ولبنان، هو مشروعه الأول.

لا تبك كثيرا، فالتماسيح تستخدم أسلوب النحيب والبكاء أحيانا، كي تستدرج فريستها، وأنت تستخدم الدموع لتستدرج مزيدا من التعاطف من بيئتكم وشبابكم المغلوب على أمره والفاقد للعقل، وستبقى دموعك دموع التماسيح تفضحكم وتكشف -يوما بعد يوم- الحال التي وصلتم إليها، فأصبحتم بحاجة إلى من يتعاطف معكم، ويقف إلى جانبكم في خيباتكم الأخيرة.

رحم الله الحسين -رضي الله عنه- فقد ابتلى بمنافقين يدّعون محبته، وما هم إلا متاجرون بقضيته.