غرقت حتى أذنيها في مسؤولياتها الكبيرة ما بين بيتها وزوجها وأطفالها ودراستها الجامعية التي كانت تستهلك وقتها في الدراسة والتحضير والبحث والترجمة، واستيقظت بعد سنوات فلم تجد جسمها الرشيق الذي كانت تعرفه قبل الولادة، لقد فقدت أناقتها ورشاقتها وفقدت معها الكثير من الأشياء التي كانت تحبها، وتضيف لروحها السعادة والانطلاق..

حاصرها واقعها المحبط وبدا لها وكأنه أصبح قدرا، وهو حال الكثير من النساء اللاتي يصطدمن بواقعهن المحبط والمثبط، الذي تزداد صعوبات تغييره يوما بعد يوم، حتى يدخل في إطار المستحيل..

همست لنفسها: كل إنجاز كان ذات يوم مستحيلا، وابتسمت وهي تضع قدمها على المربع الأول في طريق شائك وشاق وطويل، وودعت النوم العميق واستعاضت عنه بالغفوات..

بدأت في استعادة ذاكرة رشاقتها المفقودة مستعينة بالصبر، ومتمسكة بأهداب الأمل، ولكي لا تسمح لخيوط اليأس القاتمة بالتسلل إلى عزيمتها الفتية قررت أن تنشئ مجموعة في الواتساب من الصديقات والمعارف ممن يجمعهن نفس الاهتمام، كان القروب تحفيزيا في البداية، قادته بثقافتها الواسعة واهتمامها الكبير، ومع مرور الوقت اقتحمت نوال الغنام عالم التدريب والتغذية بعزيمة فولاذية، وحققت العديد من الإنجازات المتلاحقة في هذا المجال.. حتى حصلت على الماجستير من الجامعة الأكاديمية البريطانية «تغذية ولياقة»، وأصبحت مدربا رياضيا شخصيا معتمدا من المعهد العالمي السويدي للعلوم الرياضية، بالإضافة للعديد من الدورات المعتمدة المحلية والدولية، ولم تتوقف عن دراسة تخصصها ومتابعة كل جديد في هذا المجال حتى هذه اللحظة.

هذا الشغف نقلها من الهواية المنظمة إلى الاحتراف الكامل.. فتحولت قروباتها التحفيزية إلى منصة لنشر الوعي الصحي في المجتمع السعودي، في تجربة فريدة من نوعها، وقادتها رسالتها الإنسانية النبيلة إلى تشكيل فريق من ذوات الظروف الخاصة من أرامل ومطلقات ويتيمات، ففتحت لهن آفاقا واسعة من التدريب والتطوير، ومن ثم الكسب المادي، الذي كان نتاجا لاشتراك المئات من المستفيدات والمستفيدين من قروباتها الصحية والرياضية، ونجحت نوال الغنام في الموازنة بين رمزية الاشتراك «حوالي 3 ريالات في اليوم الواحد، تتقلص إلى ريال ونصف في حال تجديد الاشتراك!!»، وبين توفير المكافآت المادية لفريق عملها.. فحققت رسالتها المجتمعية والإنسانية باحترافية ومهنية عالية..

اتخذت نوال من وصية والدها الراحل «أبو نية يغلب أبو نيتين» مطية لأحلامها، وجوادا لمواجهة الصعوبات والتحديات والمضايقات التي أثارها منافسوها، طمعا في وأد تجربتها الفريدة أو الحد من نجاحاتها الباهرة، فلم تلتفت إلى الوراء، وأيقنت أن من حق وطنها عليها أن تخدمه في المجال الذي برعت فيه..وهو مجال اتخذه الكثيرون غيرها وسيلة للثراء على حساب البسطاء الذين يحلمون بالصحة والرشاقة والجمال..

إن الثقافة الصحية التي نجحت الشابة السعودية نوال الغنام في نشرها بين أطياف المجتمع السعودي بفكرها النير ونيتها الطيبة وطموحها المتناهي، هي مثال ناصع على ما يتمتع به أبناء هذا الوطن من إحساس عال بالمسؤولية تجاه مجتمعهم، وما حققته من نجاحات متتالية «تسعى بقوة لاعتماد برنامجها الغذائي عالميا» ودليل ساطع على ما تتمتع به المرأة السعودية من إيمان ووعي وإرادة خولتها لكتابة اسمها بأحرف من نور على جبين هذا الوطن الطاهر..

المدربة السعودية الكبيرة نوال الغنام: هنيئا لك بدعوات جميع من نالتهم سحابتك البيضاء بوابل أو طل..أو حتى ظلال..!!