زوجة قصت شعرها وجاءت فرحة للمنزل لتسأل زوجها عن رأيه في إطلالتها الجديدة التي لم تعجب الزوج إطلاقا، ولكنه لم يقل الحقيقة وإنما قال لها: رائع، جميل، أعجبني.

شاب اشترى سيارة جديدة لونها غريب، وزار صديقه ليسأله عن رأيه بوجه تغمره السعادة، فما كان من الصديق إلا أن أثنى عليها رغم أنها لم تعجبه أبدا.

إذا كان التعريف السائد للكذب هو: (القول المخالف للواقع)، فإن ما قام به الشخصان في المثالين أعلاه يعد كذبا صريحا، لأنهما عبرا عن قول مخالف لواقع ما يضمران بداخلهما، لكن البعض لا يعتبر ذلك كذبا، إنما يسميه «مجاملة».

إذن ما الفرق بين المجاملة والكذب؟ وهل تستقيم حياتنا بلا مجاملات؟.

يخلط كثير من الناس بين المجاملة والكذب، بعضهم يضعهما في منزلة واحدة سيئة، وبعضهم يضعهما في منزلتين مختلفتين، والبعض الآخر يسمي المجاملة كذبة بيضاء ليخفف عن نفسه قبولها، وحتى لا يساويها بالكذب المتفق على سوئه بكل الأعراف.

الفرق الجوهري الوحيد بين المجاملة والكذب هو الدافع!

فالكذب دافعه الوحيد هو المصلحة الذاتية، وأما المجاملة فدافعها الوحيد هو الخير للآخر.

عندما يقول الشخص كلاما مخالفا للواقع دافعه في ذلك تحقيق مكاسب شخصية، سواء له أو لشخص آخر غير الذي يحدثه فهو يكذب، وعندما يقول كلاما مخالفا للواقع دافعه في ذلك حب الخير لمن يحدثه، فهو يجامل ويداري شعور هذا الشخص من باب اللطافة.

رغم أن الفعل واحد ولكن هنا تدخلت النوايا لتجعل من أحدهما شرا منبوذا والآخر خيرا محمودا.

بقي أن أضيف ليس كل المجاملات محمودة، فعندما أجاملك برأي أو فعل مخالف للأخلاق والقيم المعروفة، أو عندما أجاملك بما قد يتسبب بضرر للآخرين فهذه مجاملات مذمومة. وغالب هذا النوع من المجاملات يأتي خوفا من الشخص الذي نجامله، أو خوفا من مكانته. وهنا أصبح دافع المجاملة مصلحة شخصية، وبذلك تحولت لكذبة.